الرئيسية » الدراسات » إيران بالعبري ” بين ضرورات التفاوض واحتمالات الضربة العسكرية “

إيران بالعبري ” بين ضرورات التفاوض واحتمالات الضربة العسكرية “

بواسطة :

أولا: المفاوضات الإيرانية الأمريكية:

نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) ورقة أعدها الباحثان ‹إلداد شافيت› و‹سيما شاين› بعنوان لا يخلو من الدلالة: ‹بين الاتفاق النووي والضربة العسكرية لإيران نحو القرار› والتي عالجت مسألة المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، واحتمالية التوصل إلى اتفاق بينهما بشأن البرنامج النووي، وانعكاسه على إسرائيل، التي تبدو أنها أصبحت في موقف المتفرج من هذه المفاوضات.

وتنطوي هذه الورقة على أهمية خاصة؛ نظرا لأهمية كاتبيها؛ فإلداد شافيت باحث أول متخصص بمعهد دراسات الأمن القومي، منذ ٢٠١٧م، وأمضى مسيرة طويلة بجهاز الاستخبارات العسكرية، ختمها بمنصب مساعد رئيس قسم الأبحاث لشؤون التقييم الاستخباري بالموساد، مسؤولًا عن صياغة التقييمات المتعلقة بالقضايا الإقليمية والدولية. وهي نفس الخبرة الوظيفية تقريبا التي تتمتع بها سيما شاين، فهي باحثة أولى ومديرة سابقة لبرنامج أبحاث ‹إيران والمحور الشيعي› بمعهد دراسات الأمن القومي. أمضت مسيرتها المهنية في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وكانت رئيسة لقسم الأبحاث والتقييم الاستخباري بالموساد، ومسئولة عن إعداد التقييمات اليومية والدورية حول قضايا الشرق الأوسط والقضايا الدولية. كما شغلت منصب نائب رئيس الشؤون الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ثم نائبة لمدير عام وزارة الشؤون الاستراتيجية، ومسؤولة عن الملف الإيراني

وسلطت الورقة المهمة التي كتبها هذان الباحثان الضوء على الخلافات العميقة التي تجابه المفاوضات النووية مع إيران، منوهة إلى أنه على الرغم من هذه المفاوضات لا تزال محكومة بديناميكيات انعدام الثقة المتبادلة والتحديات الفنية والسياسية المعقدة. إلا أن إمكانية التوصل إلى اتفاق لا تزال قائمة؛ لسبب بسيط مفاده رغبة الجانبين في ذلك، وتجنبا لأي مواجهة عسكرية. على الرغم من أن طبيعة هذا الاتفاق ومداه وقدرته على تحقيق الأهداف المرجوة تبقى محل شك كبير، بناءً على النقاط الخلافية بين الجانبين.

وقد أبرزت الورقة أيضا مدى حرص إيران على الإمساك بضمانات قوية بعدم انسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من أي اتفاق في المستقبل، على غرار انسحابها من الاتفاق السابق. كما سلطت الضوء على مدى تدهور قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبة برنامج إيران النووي، منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق السابق المعروف بـ ‹خطة العمل الشاملة المشتركة‹ (JCPOA) عام 2018م، وفرض العقوبات القصوى عليها.

كما أشارت إلى أنه من المفترض الهدف الأساسي للمفاوضات يتمحور في الحيلولة دون امتلاك إيران للسلاح النووي. وأن إدارة ترامب قبلت بحقها في تخصيب اليورانيوم، مما حوّل محور التفاوض بينهما إلى مستويات التخصيب والنطاق المسموح به في أي اتفاق مستقبلي. وأن الاتفاق المتوقع يهدف إلى وضع مدة زمنية للقيود النووية، وتعزيز آليات الرقابة على برنامج إيران النووي، مقابل تقديم حوافز اقتصادية لها تشمل رفع العقوبات الأمريكية عنها.

ثم قدمت الورقة تحليلاً واقعياً للتحديات والفرص المحيطة بالمفاوضات الجارية، يمكن إجمالها بالنقاط التالية:

  1. التفضيل المتبادل لتجنب المواجهة: وهو ما يشير إلى وجود دافع قوي لدى الطرفين للتوصل إلى حل تفاوضي، حتى لو كان غير مثالي لأي منهما. وقد يمون هذا التفضيل مدفوعاً بتقييم تكلفة المواجهة العسكرية المحتملة.

  2. قبول حق إيران في التخصيب: والذي يمثل تحولاً ملفتا في الموقف الأمريكي من برنامج إيران النووي، مقارنة بالموقف السابق. ويعكس هذا التحول إدراكاً لصعوبة العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. ولكنه يفتح الباب أمام نقاشات معقدة حول المستويات المسموح بها للتخصيب؛ لضمان عدم استخدامه لأغراض عسكرية.

  3. تحديات المدة والرقابة والضمانات: هي النقاط الأكثر حساسية في المفاوضات؛ فمدة الاتفاق تؤثر على القيود الفنية المفروضة على برنامج إيران النووي على المدى الزمني الطويل. وبالتالي فإن الرقابة الفعالة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضرورية هنا؛ لبناء الثقة والتحقق من امتثال إيران وخضوعها لشروط الوكالة. أما الأهم من ذلك بالنسبة لإيران، فهو مطالبها بضمانات تمنع الانسحاب الأمريكي المستقبلي. وهي مطالب تعكس انعدام ثقة المفاوض الإيراني العميق في نظيره الأمريكي. خاصة أنه من الصعب على أي إدارة أمريكية الالتزام به بشكل قاطع؛ بسبب طبيعة النظام السياسي الأمريكي.

  4. موقف إسرائيل: تعد إشارة الكاتبين إلى أن إسرائيل على أنها تقف الهامش، نقطة مهمة. خاصة أنه من المعتاد أن تكون قلقة بشأن برنامج إيران النووي، وأن تكون مشاركة بفعالية في الجهود الدبلوماسية، أو غيرها للتأثير على النتائج. وبما أنها أصبحت على الهامش بالفعل، فهذا يعني إما أنها لا ترى جدوى كبيرة من التأثير على هذه الجولة من المفاوضات، أو أنها غير راضية عن مسارها، أو أن علاقاتها مع الإدارة الأمريكية الحالية لا تسمح لها بالتأثير المطلوب.

ثانيا: العلاقات الأمريكية الإسرائيلية:

تصدى معهد سياسيات الشعب اليهودي (JPPI) لمعالجة العلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في سياق ما أسماه ‹التهديد النووي الإيراني وعدوان إيران الإقليمي› فقد نشر مقالا مهما تحت عنوان ‹المعضلة الإيرانية ومستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية› الذي كتبه ‹يسرائيل كليتسنر› الذي شغل منصب مدير المشاركة الاستراتيجية بلجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC-AIEF) ومستشارا لشؤون الشتات لرئيس وزراء إسرائيل السابق ‹نفتالي بينيت›

وينطوي هذا المقال على تحليل قيم للتحديات المعقدة التي يفرضها سلوك إيران الإقليمي على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. وأن معالجة هذه التحديات تتطلب مقاربة شاملة وتعاوناً قوياً بين الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين إلى جانب إسرائيل. خاصة أن مستقبل الاستقرار في المنطقة أصبح يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفية التعامل مع أسماه الكاتب ‹المعضلة الإيرانية‹.

بدأ الكاتب مقاله بإلقاء الضوء على نفوذ إيران المتنامي في الشرق الأوسط، في ظل الفراغ الذي خلفه تركيز الغرب على قضايا إقليمية أخرى. وانتقد خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) لعام 2015، التي كان الهدف منها كبح طموحات إيران النووية، مشيرة إلى أنها قدمت لإيران راحة اقتصادية وشرعية دبلوماسية، دون تقييد فعال لممارساتها. ومن ثم اتخذ الكاتب من عملية السابع من أكتوبر 2023م، منطلقا للتدليل على خطورة إيران على إسرائيل، التي اضطرت إلى أن تقود صراعا متعدد الجبهات ضد وكلاء تدعمهم إيران بالمنطقة، والتأكيد على حاجة إسرائيل الملحة لمنع إيران من أن تصبح قوة نووية. وقد زعم المقال أن هناك تحالف استراتيجي بين إسرائيل والدول العربية السنية لمواجهة إيران، إضافة إلى اتفاقيات إبراهام، التي تؤدي دورا مهما في تعزيز التعاون المشترك بينها جميعا.

ثم تتناول التحديات التي تواجه التحالف الأمريكي الإسرائيلي، بما في ذلك تسييس الدعم العسكري والدبلوماسي لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، على الرغم من الحاجة إلى استمرار هذا الدعم. وأكد الكاتب على أن التحالف بين البلدين يمر بمرحلة حرجة، تتطلب قراراً من الحزبين ووضوحاً استراتيجياً لمواجهة التهديد الإيراني بفعالية. وأن حل القضية الإيرانية أمر محوري للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط ودعم القيادة الأمريكية. وفي هذا الإطار، قدم الكاتب تحليلاً شاملاً للمعضلة الإيرانية وتأثيرها العميق على الديناميكيات الإقليمية، والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. والذي يمكن إيجازه في النقاط التالية:

  1. مركزية التهديد الإيراني: من حيث أن هذا التهديد، بشقيه النووي والإقليمي (عبر الوكلاء) هو المحرك الرئيسي للعديد من التطورات في الشرق الأوسط. ولهذا فإنه لا يهدد أمن إسرائيل فحسب، بل يزعزع استقرار المنطقة بأسرها، ويشكل تحدياً للمصالح الأمريكية.

نقد الاتفاق النووي: أو خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) التي وقعت عام 2015م، للتنبيه إلى عدم تكرار أخطائه؛ خاصة أنه لم يكن كافياً لكبح سلوك إيران الإقليمي، أو معالجة قضايا أخرى ملحة مثل برنامج الصواريخ الباليستية. ناهيك عن أنه أدى إلى رفع العقوبات عن لإيران، مما سمح بتدفق الموارد المالية عليها، التي استخدمتها لتمويل وكلائها.

  1. أكتوبر نقطة تحول: ومن هنا ربط الكاتب بين علمية السابع من أكتوبر، وبين إيران ووكلائها؛ لكي يبرهن على أن الصراع مع إيران ليس مجرد صراع بشأن برنامجها النووي، بل إنه صراع متعدد الأوجه يشمل جبهات متعددة. يستوجب الحاجة إلى استراتيجية شاملة لمواجهة النفوذ الإيراني.

  2. اتفاقيات إبراهام: سلط الكاتب الضوء على أهمية التعاون بين إسرائيل والدول العربية السنية لتكوين جبهة موحدة ضد إيران. منوها إلى أن اتفاقيات إبراهام تعد تطوراً إيجابيا في هذا السياق ينبغي الإبقاء عليه التوسع فيه، على الرغم من أن ذلك سيظل رهنا بتطورات إقليمية أخرى.

  3. تحديات التحالف الأمريكي الإسرائيلي: عدد الكاتب التحديات التي تواجه متانة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، منها الانقسامات السياسية الداخلية في واشنطن حيال استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل، على الرغم من أنه حيوي لأمن إسرائيل واستقرار المنطقة، ويتطلب جهوداً مستمرة من كلا الجانبين للحفاظ عليه وتعزيزه.

  4. الحاجة إلى استراتيجية واضحة: أكد الكاتب على الحاجة إلى استراتيجية أمريكية إسرائيلية واضحة ومتكاملة لمواجهة التهديد الإيراني. هذا يتطلب تنسيقاً وثيقاً على المستويات السياسية والعسكرية والاستخباراتية.

ثالثا: الوساطة الروسية المنشودة:

عالج المقدم احتياط ‹دانيال راكوف› الباحث الأول بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، والمتخصص في السياسة الروسية تجاه الشرق الأوسط، موضوع الوساطة الروسية، في مقال رأي نشره المعهد المذكور تحت عنوان ‹هل يستطيع بوتين التوسط في مفاوضات ترامب النووية مع إيران؟› إذ قدم تحليلاً نقدياً لدور روسيا المحتمل، محذرا من الاعتماد المفرط على نفوذها، أو وعودها، ومنوها للتعقيدات والتكاليف المحتملة لجعل روسا وسيطا رئيسيا. خاصة أن نفوذها على إيران محدود، بدليل اختيار إيران لعمان وسيطا في المفاوضات مع واشنطن.

وعلى الرغم من أن الكاتب ترك السؤال مفتوحاً حول مدى فعالية روسيا في هذه المهمة، وما إذا كانت هناك فوائد محتملة من ذلك، قد تفوق المخاطر والتكاليف السياسية. يمكن القول إن إسرائيل تعاملت مع الدور الروسي باهتمام واضح، عبر عنه الاتصال الهاتفي الي جرى بين رئيس الوزراء ‹بنيامين نتنياهو› بين الرئيس الروسي ‹فلاديمير بوتين› لأول مرة بعد 2023م

وقد تتناول المقال دور روسيا المحتمل كوسيط في المفاوضات النووية الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، في إطار المهلة التي حددها الرئيس ترامب لإيران من باب الضغوط عليها للتوصل إلى اتفاق جديد. متسائلا هل ينبغي للبيت الأبيض الاعتماد على الوعود الروسية بشأن إيران، وهل موسكو قادرة بالفعل على الوفاء بهذه الوعود. منوها إلى أنه على الرغم من أن روسيا وطدت علاقات مع إيران، إلا أنها تعطي الأولوية لعلاقاتها مع الولايات المتحدة والسعودية والإمارات. وقد تحاول تصوير نفسها كداعم لإيران، بينما هي تسعى أيضاً لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.

ثم خلص الكاتب إلى أن مشاركة روسيا يمكن أن تكون مفيدة للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، ولكن هذا قد يأتي على حساب استيعاب إدارة ترامب لتحركات موسكو، فيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار مع أوكرانيا.

ثم قدم منظوراً مثيراً للاهتمام حول الديناميكية المعقدة لمشاركة روسيا المحتملة في تسهيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران. يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

  1. دور روسيا المزدوج: أشار الكاتب، التوازن الدقيق الذي تحاول روسيا الحفاظ عليه في علاقاتها مع إيران، ورغبتها في تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة والدول الخليجية. وأن هذا الدور المزدوج يجعل من الصعب تحديد مدى موثوقية روسيا كوسيط نزيه وفعال. خاصة أن لديها مصالحها التي قد لا تتوافق تماماً مع مصالح أي من الطرفين الآخرين.

  2. محدودية النفوذ الروسي على إيران: إذ على الرغم من متانة العلاقات الروسية الإيرانية، وتشمل مجالات متعددة إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تكون لروسيا القدرة على إملاء سياسة معينة على إيران، وخاصة إذا تعلق الأمر مسألة حساسة مثل البرنامج النووي، التي تعتبرها إيران شأناً سيادياً. من ناحية أخرى، فإن اختيار إيران لعمان كوسيط يؤكد على أن طهران تحتفظ لنفسها بقدر كبير من الاستقلالية في سياستها الخارجية.

  3. التكلفة السياسية لمشاركة روسيا: وهي ممثلة في اضطرار الولايات المتحدة لتقديم تنازلات لروسيا في قضايا أخرى مثل أوكرانيا. وأنها تعد نقطة بالغة الأهمية. وبالتالي فإن مشاركة روسيا سوف تأتي في إطار برجماتي محض، قائم على تحقيق المصالح المتبادلة، وليس بالضرورة على أساس بناء الثقة. وبناء عليه أكد الكاتب على أن أي صفقة تتوسط فيها روسيا قد تكون محفوفة بالمخاطر؛ خاصة إذا كانت تؤدي إلى تقويض الجهود الأمريكية في مناطق أخرى.

رابعا: مثلث اليابان والصين وإيران:

نشر معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS) على موقعه تحليلاً غنياً للتفاعلات الجيوسياسية المعقدة في شرق آسيا وتأثيرها على الشرق الأوسط، وخاصة على إسرائيل. بعنوان: ‹مثلث اليابان والصين وإيران: التداعيات الاستراتيجية على إسرائيل› الذي كتبه البروفيسور ‹إيال بن آري› المتخصص في أمن شرق آسيا، وصاحب أكثر من خمسة وعشرين كتابًا، مديرا سابقا لمعهد ‹هاري إس ترومان› لتعزيز السلام بالجامعة العبرية، إلى جانب عضويته ببعض للجان ومستشارًا لمركز العلوم السلوكية التابع للجيش الإسرائيلي، والباحث الأول بمعهد ‹الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية›.

ويشير هذا التحليل المهم إلى أن خبراء إسرائيل باتوا يتعاملون مع وضع جيوسياسي يكثر فيه الفاعلون، ليضعوا استراتيجيات متعددة تأخذ في اعتبارها مصالح وقدرات قوى دولية كبرى ولاعبين إقليميين على حد سواء. وفي هذا الإطار، سلط البروفيسور الضوء على مثلث اليابان والصين وإيران، بما ينطوي عليه هذا المثلث من علاقات معقدة وديناميكيات جيوسياسية مؤثرة، قد تكون له تداعيات استراتيجية على إسرائيل. مشيرا إلى كيفية موازنة اليابان لعلاقاتها مع إيران من جهة، ومع والغرب من جهة أخرى. وكيف تعمق الصين علاقاتها مع إيران على نحو يخلق متغيراً مهما يتطلب مقاربات إقليمية جديدة من جانب إسرائيل.

خاصة أن ديناميكية العلاقة بين هذه الدول الثلاث تتأثر بالمنافسة الأوسع بين الولايات المتحدة والصين، ففي الوقت الذي تشكل فيه المصالح الاستراتيجية، وإمدادات الطاقة، والتحالف مع الولايات المتحدة سياسة اليابان الخارجية تجاه إيران، وتحرص على تبني مقاربة حذرة في هذا الشأن. فإن الصين حرصت على أن تصبح مستورداً رئيسياً للنفط من إيران، وتنخرط معها في تعاون استراتيجي وإقليمي.

وقدم الكاتب، في هذا المقال، تحليلاً مهماً للتفاعلات المعقدة بين قوى آسيوية كبرى وقوى إقليمية محورية بمنطقة الشرق الأوسط، وتداعياتها المحتملة على إسرائيل. وفي هذا الإطار، استكشف الكاتب التأثير المحتمل لسياسات دونالد ترامب على المنطقة، بما في ذلك فصل الاقتصاد الأمريكي عن الصيني، والتحول في ميزان القوى بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. منوها إلى أن التعاون الناشئ بين إيران والصين يمثل تحديات بشأن الإبقاء على قوة تأثير العقوبات الاقتصادية على إيران، وتقييد قدرتها على تمويل قوى ما دون الدول. ومع ذلك، فإنه أشار إلى أن إسرائيل يمكنها الاستفادة من القنوات الدبلوماسية اليابانية، وتوافق المصالح بين إسرائيل والصين في الحفاظ على ممرات الشحن وسلاسل الإمداد مفتوحة للتغلب على هذا الوضع المعقد.

وأخيرا، يمكن القول إن هذا المقال التحليلي ركز على عدد من النقاط المهمة، هي:

  1. ديناميكية العلاقات المتشعبة: فتتشابك العلاقات الثنائية داخل مثلث (اليابان – إيران- الصين) ومثلث (اليابان- الصين – الولايات المتحدة) كمتغير خارجي مؤثر. ولعل هذا ما يؤكد على أن السياسة في الشرق الأوسط تتأثر بشكل متزايد بالديناميكيات العالمية، وخاصة المنافسة بين القوى الكبرى الفاعلة.

  2. مقاربات متباينة تجاه إيران: فالاختلاف بين مقاربتي اليابان والصين تجاه إيران يمثل نقطة محورية. فحذر اليابان يعكس أولوياتها كحليف للولايات المتحدة واعتمادها على استقرار إمدادات الطاقة العالمية. في المقابل، تعكس مقاربة الصين الأكثر انفتاحاً تجاه إيران مصالحها الاقتصادية الكبيرة، بوصفها مشتري رئيسي للنفط الإيراني، وتسعى لبناء نفوذ استراتيجي في المنطقة، في إطار منافستها مع الولايات المتحدة.

  3. تحديات أمام إسرائيل: فالتحديات المباشرة التي تواجه إسرائيل، ناجمة عن تعميق العلاقات الصينية الإيرانية. والدعم الاقتصادي الصيني لإيران، الذي يمكن أن يقوض جهود الضغط الأقصى التي تسعى إسرائيل والولايات المتحدة لفرضها على إيران. كما أن التعاون الاستراتيجي بين بكين وطهران يمكن أن يعزز مكانة إيران الإقليمية

  4. فرص محتملة لإسرائيل: إذ يمكن لإسرائيل أن تستفيد من علاقاتها باليابان، أو توافق مصالحها مع الصين في مجالات معينة، مثل أمن حرية الملاحة، والتفكير في استراتيجيات أكثر دقة وفعالية من مجرد المواجهة. وقد تكون هناك فرص للتعاون، أو على الأقل لتجنب الاحتكاك في مجالات معينة مع هذه القوى الآسيوية.

  5. تأثير المنافسة الأمريكية الصينية: يضع المقال بشكل صحيح هذا المثلث في سياق المنافسة الأوسع بين الولايات المتحدة والصين، مما يوضح كيف يمكن للقوى الإقليمية أن تصبح بيادق، أو ساحات لهذه المنافسة الكبرى. هذا يعني أن قرارات الدول في هذا المثلث تتأثر ليس فقط بالمصالح الإقليمية، بل أيضاً بالديناميكيات العلاقة بين القوى الكبرى الفاعلة.