الرئيسية » الدراسات » هل بدأ تغيير الشرق الأوسط من سويسرا؟

هل بدأ تغيير الشرق الأوسط من سويسرا؟

الكاتب:

وقد شارك في مؤتمر بازل 2022م، لفيف من الشخصيات البارزة وقتها، من أمثال «إسحاق هرتزوج» رئيس الدولة و«يائير لبيد» رئيس الوزراء، و«يعقوب هاجوئيل» رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، و«دورون ألموج» رئيس الوكالة اليهودية، إضافة إلى المئات من قادة اليهود: من حوالي 40 دولة حول العالم، بما في ذلك رؤساء مجتمعات يهودية، ونشطاء، ومتبرعين، وشباب. وقد بلغ عدد الحضور 1400 شخصا، وذلك حسب ما ذكر الصحفي اليهودي السويسري الذي كان يغطى هذا المؤتمر. ومع ذلك لم يحظ باهتمام عربي، سواء على مستوى مراكز الدراسات، أو حتى وسائل الاعلام.
وقد ناقشت جلسات هذا المؤتمر التي كانت مغلقة غير علنية، عدة قضايا جوهرية منها «تغيير الشرق الأوسط» بوصفه جزءا من ولادة إسرائيل جديدة، وطموح أمريكي لتعزيز الانفراد بالقرار في الشرق الأوسط والعالم. وقد أدار المؤتمر، وفقاً لتقارير إعلامية، ومنها تقارير صحيفة «هآرتس» ثلاث جلسات سرية مغلقة؛ ناقش خلالها مواضيع حساسة، من بينها:
  • تفاقم المخاوف من تآكل الدعم لإسرائيل بين اليهود الأمريكيين، خاصة التقدميين منهم.
  • تحديد تعريف جامع لـ «من هو اليهودي» وأثره على قانون العودة.
  • سبل التعامل مع التيارات غير الأرثوذكسية، سواء الإصلاحية، أو المحافظة، داخل إسرائيل وفي الشتات.
كما اعترف القادة الصهاينة بأن التهديدات الديموغرافية، مثل تفكك الشتات والانقسامات الداخلية والوضع الديمغرافي الفلسطيني، لا تقل خطورة عن التهديدات الأمنية العسكرية المباشرة، ومن ثم حاولت توصيات المؤتمرين معالجة هذين الجانبين معاً، خاصة أن قوة إسرائيل تعتمد على ديموغرافيا يهودية قوية ومتماسكة محلياً وعالمياً، إضافة إلى قدرتها على الدفاع عن نفسها عسكرياً وسياسياً.
وبناءً على التقارير سربتها صحف إسرائيلية مثل هآرتس وThe Jerusalem Post إضافة إلى صحفيين سويسريين أفادت أن مناقشة التحديات الأمنية والديمغرافية كانت من أكثر الجلسات حساسية. وهناك بعض التسريبات التي تم التباحث فيها:
أولا: التحديات الديموغرافية:
إذ تركزت المناقشات التي دارت خلال جلسات هذا المؤتمر على التحديات الديموغرافية: فبعد أن عبر المؤتمرون عن قلقهم العميق من أن ارتفاع نسبة المواليد بين «الحريديم» بينما لا تنخرط نسبة كبيرة منهم بسوق العمل، أو الخدمة العسكرية، مما يشكل عبئاً على الاقتصاد والأمن على المدى الطويل. فقد نوقش تحديين رئيسيين:
  • النمو السكاني للمواطنين العرب داخل إسرائيل، فنوقش نمو عدد الفلسطينيين في إسرائيل وعدد المواطنين بمناطق 1967م، بوصفه «تحديا» ديموغرافيا الدولة اليهودية على المدى البعيد وضرورة دمجهم الاقتصادي، مع الحفاظ على الهوية اليهودية للدولة. وسبل التعامل مع النمو بمناطق 1967م، التي تضاعفت بأعداد كبيرة على نحو يفوق عدد اليهود فيها.
  • يهود الشتات: فتم تحديد ظاهرة اندماج اليهود في مجتمعات الشتات، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، وارتفاع معدلات الزواج من خارج الديانة اليهودية؛ بوصفه أكبر تهديد لاستمرار الشتات اليهودي نفسه، وبالتالي لقاعدة الدعم العالمية لإسرائيل. كما تم التأكيد على أن الأجيال اليهودية الشابة، ود التقدميين منهم خاصة، تشعر بانفصال عاطفي وسياسي عن إسرائيل، بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين وقضايا الدين والدولة.
ثانياً: التحديات الأمنية:
تمحورت نقاشات المؤتمر حول التهديدات الوجودية والاستراتيجية، والتي تمثلت في:
  • البرنامج النووي الإيراني: بوصفه «التهديد الأمني الاستراتيجي الأول» لإسرائيل؛ فجرى تحليل السيناريوهات المحتملة للتعامل بشأنه، بما في ذلك الخيار العسكري والدبلوماسية الدولية وسبل حشد الدعم اليهودي العالمي للضغط على النظام الإيراني.
  • التهديدات غير التقليدية (السيبرانية والدعائية): فقد تمت مناقشة الحرب السيبرانية، من منظور ضعف البنية التحتية الحيوية بإسرائيل أمام الهجمات الإلكترونية التي تشنها إيران وحلفاؤها. كما نوقشت حرب السرديات، وتفاقم الخسائر الإسرائيلية التي مُنيت بها في معركة الرأي العام العالمي، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبار ذلك تهديداً أمنياً يستهدف شرعية الدولة.
  • التهديدات من الجبهات القريبة: إذ تم تقييم القوة العسكرية المتزايدة لحزب الله في لبنان وحماس في غزة، وقدراتهم الصاروخية، وكيفية التعامل مع تهديد الحرب على جبهتين أو أكثر في وقت واحد.
وهكذا، يمكن القول إن التوصيات التي خرجت في هذا المؤتمر هي ما نراه الان مجسدا على أرض الواقع، خاصة أن «ترامب» عاد الى رئاسة الولايات المتحدة مرة أخرى. وأن مسألة تغيير الشرق الأوسط حسب مصالح الحركة الصهيونية ما هي إلا نتاج مؤتمر «بازل 2022م» ولم يكن كل هذا ليحدث دون حدوث عملية «طوفان الأقصى» يوم السابع من أكتوبر 2023م، وصمت الجيش والامن الإسرائيلي أكثر من 5 ساعات.
وفي 4 سبتمبر 2024م، قال «نتنياهو» في المؤتمر الصحفي عند اجابته عن السبب في عدم معالجة تهديد حماس مبكرا، على الرغم من رؤيتهم ومتابعة تدريباتهم «لم أكن أملك الشرعية المحلية والدولية للقيام باحتلال غزة»

اترك تعليقا