عالج اللواء المتقاعد الدكتور «شيمون شابيرا» والمقدم متقاعد «مايكل سيغال»، «أفيرام بيلايشه» بمكتب الشؤون الإيرانية والسورية، بمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، التغييرات التنظيمية الأخيرة التي أجريت داخل مجلس الأمن القومي الأعلى الإيراني؛ وإنشاء «مجلس دفاع» جديد تحت سلطة رئيس الجمهورية، مهمته الرئيسية المراجعة المركزية للخطط الدفاعية وتطوير القوات المسلحة. وأن هذه التغييرات قُدمت للرأي العام على أنها جزء من الجهود المستمرة للاستفادة من دروس من «حرب الـ 12 يوماً» وإعادة تقييم عقيدة إيران الأمنية وقدراتها العسكرية وأساليبها التشغيلية.
وأشارت هذ المعالجة إلى أن التحولات الاستراتيجية بعيدة المدى، والتحديثات العسكرية الكبيرة، والإصلاحات المؤسسية الشاملة هي وحدها التي ستمكّن الجمهورية الإسلامية حقاً من مواجهة أزماتها الحالية، والتي تشمل أزمة داخلية متعمقة، وأضراراً لبرنامجها النووي، وضعفاً في شبكة وكلائها الإقليميين. وأن اختيار المحافظ البراغماتي «علي لاريجاني» بما له من تاريخ في دعم سياسات أكثر اعتدالاً، أميناً عاما لهذا المجلس الجديد، يشير إلى تحول محتمل من إيران باتجاه سياسة خارجية أكثر تصالحية وإمكانية العودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة. وهو الأمر الذي يتناقض مع استمرار نفوذ المتشددين الذين يعارضون الإصلاح، ويعتقدون بوجوب عدم التعامل مع الغرب إلا بالقوة. وأنه على الرغم من أن هذه التغييرات قد تعكس رغبة في دمج السياسيين من ذوي الخبرة وتبسيط عملية صنع القرار خلال الأزمات، إلا أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت كافية لمعالجة التحديات الداخلية والخارجية الكبيرة التي تواجهها إيران.
ثم تقدم المعالجة تحليلاً مهما للتغيرات الداخلية في هيكل صنع القرار الإيراني، بعد ما تعتبره صدمة استراتيجية ممثلة في «حرب الـ 12 يوماً» وتسلط الضوء على عدة نقاط جوهرية:
الدروس المستفادة من الصراع: يشير الاعتراف بأن إيران تقوم بإعادة تقييم شاملة لاستراتيجيتها بعد الصراع مؤشراً مهماً، مفاده أن الحرب لم تكن مجرد مواجهة عابرة، بل كانت حدثاً كبيراً دفع القيادة الإيرانية إلى التفكير في نقاط ضعفها الأمنية والعسكرية. وأن إنشاء مجلس دفاع جديد يعكس إدراكا بضرورة وجود تنسيق أفضل وتحديث عاجل للقدرات العسكرية.
صراع الأجنحة بين الواقعية والتشدد: إن تعيين لاريجاني في ظل الصراع التقليدي داخل النظام الإيراني بين «الواقعيين البراغماتيين» و«المتشددين» قد يكون محاولة من قبل النظام لإيجاد توازن بين التيارين ويرسل إشارة للغرب بأنه منفتح على الحوار، مع الحفاظ في نفس الوقت على خط الدفاع الصارم من خلال الأجهزة الأمنية الأخرى. ومع هذا، فإن نفوذ المتشددين يلقي بظلال من الشك على مدى قدرة لاريجاني على إحداث تغيير حقيقي في هذا الشأن.
العلاقة بين السياسة الداخلية والخارجية: توضح الورقة بشكل فعال كيف أن السياسة الخارجية لإيران هي انعكاس لتحدياتها الداخلية. وأن الأزمة الداخلية العميقة، بما في ذلك الأضرار التي لحقت ببرنامجها النووي وضعف شبكة وكلائها، هي دوافع رئيسية للتفكير في تغييرات في السياسة. وهذا يعني أن أي محاولة خارجية للتعامل مع إيران يجب أن تأخذ في الاعتبار هذه العوامل الداخلية المعقدة.
حدود التغيير: تخلص المقالة بشكل واقعي إلى أن التغييرات التنظيمية وحدها قد لا تكون كافية. وهذا يُعد نقطة بالغة الأهمية. ففي غياب إصلاحات شاملة وحقيقية تعالج القضايا الأساسية في الاقتصاد والمجتمع والأمن، فإن التغييرات الهيكلية قد تكون مجرد تغييرات قشرية دون تأثير حقيقي على مسار إيران على المدى الطويل.