استراتيجيات الاستجابة لدى مراكز الفكر لمعالجة استخدام الجماعات الإرهابية للذكاء الاصطناعي
بواسطة :
ومن المعلوم أيضا أنه على الرغم من أن مفهوم الذكاء الاصطناعي ظهر عام 1956م، إلا أنه أخذ يشهد قفزات مثل المارد الذي خرج من قمقمه. إذ أخذت تقنياته تتوسع في التأثير على عالمنا. بعد ظهور البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والتقنيات المعرفية المتعددة. التي أدت بدورها إلى ظهور دراسات حول الذكاء الاصطناعي والتعلم الاليكتروني والتغيرات الاجتماعية التي أحدثها هذا الذكاء، ودراسات أخرى تتعلق بالقضايا والتحديات الناجمة عن الاستخدام المتعدد لتقنياته، وبمدى تأثيرها على العلاقات الدولية والأمن القومي، أو بالأحرى دراسة العلاقة بين التكنولوجيا والأمن، وبين والذكاء الاصطناعي والعلاقات الدولية.
كذلك فُتح المجال أمام الجماعات الإرهابية لاستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها لأغراضها الإجرامية، على نحو يمثل تهددا للأمن والاستقرار العالمي. خاصة أن هذا التهديد ناجم عن استخدامها للتطبيقات والتقنيات في اختراق بعض المؤسسات الحكومية وبنى تحتية حيوية مثل شبكات الطاقة والاتصالات. وفي إنتاج المقاطع المصورة والصورة وبث الدعايات الزائفة، وتنظيم حملات التضليل، واختلاق الأخبار المضللة للرأي العام، وإنشاء محتوى إعلامي محرض على العنف ومثير للذعر الاجتماعي.
ولكن في المقابل، أصبحت تقنية مطابقة الصور قادرة على التحكم في تجميع الصور والمقاطع الدعائية الإرهابية ومضاهاتها بالصور والمقاطع التي تم تحميلها من قبل المستخدمين، مع قاعدة بيانات الجماعات الإرهابية المعروفة. كما تطورت تقنيات الكشف عن المحتويات وتصنيفها، وتناقل الخبرات، وتحديد معايير إزالة المحتوى المتعلق بالإرهاب. ونجحت طريقة إعادة التوجيه جزئيًا في تحديد المواقع، وإزالة الدعاية المتطرفة من على شبكات التواصل الاجتماعي. وهو الأمر الذي أدى إلى إزالة المواد والإعلانات والمحتويات المتعلقة بالجماعات الإرهابية فور اكتشافها. كما نجحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي في التحكم في نشر أي معلومة تخص هذه الجماعات. وهو الأمر الذي ساعد فيسبوك على حذف 99% من مواد تنظيمي القاعدة وداعش، ومكن تويتر من حذف الآلاف من حساباتها. وهو ما يبشر بأن استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سوف يعزز قدرة شبكات التواصل الاجتماعي على التحكم في كل ما يتم نشره.
وعلى الرغم من هذا، يبقى استخدام الجماعات الإرهابية للذكاء الاصطناعي تهديدا كبيرا لأمن واستقرار الدول العربية. يفرض على مراكز الفكر العربي مسئولية البحث عن حلول ناجعة لمجابهة هذا النوع من التهديدات.
استخدام الجماعات الإرهابية الذكاء الاصطناعي
لقد انتقلت الجماعات الإرهابية من مرحلة استخدام السيارات المفخخة والقنابل التي يتم التحكم فيها عن بعد، إلى مرحلة أكثر تهديدا للأمن القومي العربي، عندما بدأت في تحويل التقنيات المدنية للذكاء الاصطناعي إلى قدرات عسكرية تُستخدم تنفيذ عملياتها. كما اتخذت هذه التقنيات أداة فاعلة في الترويج لمفاهيمها المتطرفة، والدعاية لأنشطتها، وفي إغواء الشباب واستقطابهم، وفي نشر العنف والتطرف، وبث الرعب في المجتمعات. خاصة أنها نجحت في تجنيد ذوي الخبرات المتعددة في مجال تكنولوجيا المعلومات وأمن الشبكات؛ لتحسين قدرتها على جمع ومعالجة البيانات الخاصة بالمجموعات المستهدفة وتمييز خصائصها الاجتماعية واتجاهاتها النفسية. وهو أمر يمثل أحد المهددات غير التقليدية للاستقرار السياسي. خاصة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي وفرت لها ما يلي:
نشر المقاطع الدعائية بلغة البلد المستهدف، مصحوبة بالترجمة. مثل المقطع الذي بثه تنظيم داعش في خراسان، في مارس 2024م، عقب الهجوم الذي شنه على قاعة كروكوس (Crocus City Hall) في موسكو
نشر مسلسلات الرسوم المتحركة الموجهة إلى الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي
التحايل على حجب قنواتها وحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، عبر بث محتوى متضمن موسيقى ومقاطع من أفلام وثائقية عن الحياة البرية والرياضة وغيرها من وسائل الترفيه.
تقديم دورات تدريبية (online) بما فيها دورات حول الذكاء الاصطناعي، لصانعي المحتوى ومعدي المواد السمعية والبصرية، لتطوير مهارات عناصرها على إنتاج مقاطع فيديو بجودة تثير اهتمام المتلقي.
تصيد المراهقين وتجنيدهم عبر منصات الألعاب الاليكترونية. خاصة أن معظمهم يدمن هذه الألعاب
استخدام غرف الدردشة ومقاهي الإنترنت ورسائل البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية للتجنيد والدعاية وتخطيط وتنسيق الهجمات
الاستخدام المكثف لتقنيات الواقع الافتراضي، التي يمكنها محاكاة الهجمات الإرهابية الواقعية بشكل كبير، في إنشاء منتديات تدريب افتراضية تسمح لأعضائها بمحاكاة عملية الهجوم، لتحسين دقة التنفيذ في الواقع.
جمع الأموال عبر الويب المظلم ومنصات العملات الرقمية ومواقع المقامرة وبرامج المعلومات المشفرة،
إقناع العناصر التابعة لها بأنهم ‹مجاهدون› وأن قتلاهم في الجنة، وأن نظام دولهم مرتد يحل الخروج عليه. والحقيقة أن استخلاص الدروس المستفادة من تجارب الماضي والحاضر تعزز قدرتنا على التعامل مع المستقبل؛ فقد أثبتت أنه اقتصرت جهود مكافحة على الإرهاب على استخدام القوة فقط؛ ولهذا فإن مراكز الفكر يجب أن تضطلع بمسئوليتها في دراسة وتحليل الأسباب الحقيقية لنمو وتطور ظاهرة التطرف والإرهاب في المجتمعات العربية. وتحديد اتجاهات الجماعات الإرهابية وأهدافها، وكيف تروج لمقارباتها الفكرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكيف تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في الاستقطاب والتجنيد وتنفيذ عملياتها الإجرامية. بل والتقريب بين الجماعات الإرهابية المتشابهة معها في المشرب والمنهج.
وعلى الرغم من أن هذه المسئولية المنهجية طويلة الأمد، إلا أنها لا شك سوف تساعد في استئصال جذور التطرف والإرهاب في نهاية المطاف؛ لأنها تعالج الصعوبات الاقتصادية والانقسامات الاجتماعية بوصفها بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية لإحداث الفوضى داخل الدول العربية، كما تعالج الأسباب التي أدت إلى بقاء هذه الجماعات وكيف تستغل الفوضى للبقاء والتسلل إلى دول الأخرى. وكيف حولت بعض القوى الإقليمية والدولية هذه الجماعات إلى ورقة مساومة جيوسياسية، أو اتخذتها ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. أو لربط ظاهرة الإرهاب والتطرف بدول أو بمجموعات عرقية أو ديانات محددة. ومن ثم فإننا نطرح ما يلي:
أولا: التحليل السوسيولوجي:
علينا أن نعترف بأن التطرف والإرهاب هما محصلة لمزيج من العوامل النفسية والتجارب الاجتماعية في الواقع، وأن المواجهة السياسية والأمنية مع الجماعات المتطرفة والإرهابية لم تعد السبيل الوحيد للقضاء عليها، وأن ثمة مقاربات علمية وفكرية أخرى يمكن أن تحصن المجتمعات العربية من شرورها. خاصة أن هذه الجماعات دأبت على اختلاق واقع من شأنه إحداث درجة معينة من التفكك الاجتماعي والتفكيك القيمي، وتبديد الاستقرار السياسي، للحصول على موطئ قدم لها داخل المجتمعات المفككة والترويج لمفاهيمها المغلوطة لجعل الجهاد والاستشهاد مبررا جذابا لعملياتها الإرهابية، وتخفيف شعور الإرهابي بالذنب عند شنه هجمات انتحارية.
كما أنها تتبنى نهجا مزدوجا في التهديد الأمني غير التقليدي عبر بث الكراهية والعداء، وخلق الانقسامات داخل الوطن الواحد؛ بهدف تقويض أسس النظام الاجتماعي، ومحو هوية الفرد داخل الجماعة لضمه إلى شبكة الذئاب المنفردة. ناهيك عن أنها تسعى إلى هدم قطرية الدولة؛ لأنها تؤمن بأن الحدود ليس إلا مفهوما استعماريا لتقسيم جغرافي العالم العربي، وفقا لاتفاقية سايكس بيكو المبرمة بين بريطانيا وفرنسا، عام 1916م، يجب إلغاؤه شرعا لإعادة الخلافة الإسلامية. وفي هذا السبيل تتبنى هذه الجماعات تعبئة استراتيجية عبر إقليمية للتجنيد والحشد، مدفوعة بما تسميه فتوحات، خاصة داخل الدول ذات النظام الاجتماعي غير المتماسك، ومن ثم الانطلاق منها نحو التوسع الخارجي. وذلك مثلما وسع تنظيم داعش تحركاته نحو شمال أفريقيا وغربا ووسط وجنوب آسيا شرقا.
ومن ثم، فإن دراسة بيئة عمل الجماعات الإرهابية والمتطرفة وتحليل خصائصها الاجتماعية وأبعادها السياسية والاقتصادية مهمة للوقوف على ماهية القوة الدافعة لهذه الجماعات. وآليات تعبئة شبكاتها. بعيدا عن الواقع الملموس، بعد أن حولت شبكة المعلومات الدولية إلى بيئة تنظيم وتخطيط مثالية لتحقيق أهدافها، دون أن يتم تعقبها. خاصة أنها تنتهج استراتيجية لاحتواء المهمشين اجتماعيا واستقطابهم عبر منصات التواصل الاجتماعي أو مواقع الويب، لتبدأ بعدها عملية تأهيل المستهدفين عبر غرف الدردشة، ثم في أماكن شبه مفتوحة، حتى يكتسبوا أهلية الاصطفاف في مجموعات. تُكلف في البداية بإعادة توجيه أو نشر بعض المنشورات الدعائية أو الصور أو مقاطع الفيديو الخاصة، وفقًا لتوصيات الإدارة العليا للجماعة. حتى إذا نال أحدهم الثقة، فإنه يتلقى تدريبا مكثفا؛ لأداء مهام أكثر سرية مثل استخدام الويب المظلم لجمع الأموال وإتمام عمليات شراء الأسلحة.
ومن ناحية أخرى، أظهرت العمليات الإرهابية أنها مجرد مسألة دلالية، تعكس في جوهرها أزمة اجتماعية، جعلت من الإرهاب صورة من صور الصراع بين أيديولوجيات مختلفة، وأنها ذات خصائص فوق عرقية وفوق وطنية وفوق إقليمية، حتى أنها حولت المنطقة العربية لبيئة مواتية للدعاية والتجنيد والتحريض وتكوين خلايا عنقودية عابرة للحدود، وقادرة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في نشر أفكارها المتطرفة في المجتمعات العربية.
وبالتالي، فأن التفكيك المنهجي لهذه الجماعات، يجب أن يشمل تحليل السوسيولوجي لأساليب استخدامها للذكاء الاصطناعي في الترويج لأجنداتها الأيديولوجية وتجنيد الأعضاء والتدريب، إلى جانب دراسة خصائص البيئة التي نشأت فيها، وتحليل أنماط شخصيات عناصرها. وذلك تحقق الأهداف التالية:
المعالجة العلمية الدقيقة لظاهرة تغلغل الأفكار المتطرفة إلى الوعي الجمعي العربي، على نحو ينذر بتحفيز نمو الإرهاب بدرجات متفاوتة داخل المجتمعات العربية.
إجراء الدراسات والتحليلات الاستشرافية، التي تسلط الضوء على طبيعة التهديدات والتحديات التي يمكن أن تشكلها الجماعات الإرهابية على أمن الدول العربية واستقرارها السياسي والاقتصادي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن ثم التخطيط لإحباطها.
كشف المضامين الاجتماعية والنفسية التي تستخدمها الجماعات الإرهابية في تعزيز مشاعر الاعتراض الوجداني لدى المتلقي، لغرس الأفكار المتطرفة والاستقطاب والتجنيد والتعبئة والتخطيط.
كشف أساليب الجماعات الإرهابية في إثارة الذعر وتقويض السلم الاجتماعي، وتأجيج الانقسامات الثقافية والفكرية، وبث الكراهية والتحريض على العنف والتطرف بغرض تدمير التماسك الاجتماعي
تحليل الدلالات الصحيحة للجرائم الإرهابية وتقييم أبعادها ودوافعها، ومراجعة تدابير الوقاية منها.
ثانيا: تشبيك جهود التعاون:
لقد بات من الضروري تشبيك جهود التعاون بين الجهات الرسمية المعنية ومركز الفكر والشركات المتخصصة لوضع حلول فعّالة لمجابهة التهديدات الناجمة عن استخدام الجماعات الإرهابية للذكاء الاصطناعي في تنفيذ عملياتها الإجرامية، أو بث أفكارها المضللة داخل المجتمعات العربية. وذلك إذا أردنا الدمج بين الحلول التقنية التي توفرها الشركات وبين الرؤى الاستراتيجية والتقديرات التي تقدمها مراكز الفكر، ضمن سياسات الدولة كما أنه يسهم في وضع تصنيف علمي دقيقي لمستوى الهجمات الإرهابية، وصياغة التدابير المناسبة، وتحقيق ما يلي:
التصدي لأي تحديات استنادا إلى رؤى متكاملة تجمع بين الابتكار العلمي والتخطيط الاستراتيجي والتعاون الفعّال. وتجاوز النموذج المعرفي التقليدي للعلاقة بين التكنولوجيا والتخطيط الأمني والسياسي، ومن ثم وضع استراتيجية قائمة على تعزز العلاقة بين العلم والتكنولوجيا وفهم استراتيجيات الجماعات الإرهابية.
إنشاء آلية لرصد ومراقبة إساءة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والكشف المبكر عن أي تهديدات يمكن أن تتعرض لها المنطقة العربية
بناء قاعدة بيانات ومعلومات صحيحة، على نحو يعزز قدرة مراكز الفكر على الاستشراف الدقيق لجميع التحديات والتهديدات من ناحية. ويساعد شركات التقنية على تطوير تطبيقاتها وأدواتها من ناحية أخرى، بينما تعمل الحكومات على ضمان تبني تطبيق هذه الحلول
مساعدة شركات التقنية على تطوير تطبيقات الحماية وابتكار حلول لأنظمة الكشف عن التهديدات، بناء على التوصيات التي تقدمها مراكز الفكر بشأن اتجاهات الهجمات السيبرانية وأبعادها وأهدافها. بينما تتولى الحكومات اتخذا الإجراءات اللازمة لتنظيم هذا المجال.
خلق بيئة داعمة للبحث والتطوير والابتكار المحلي داخل الدول العربية، على نحو يقلل من الاعتماد على الحلول المستوردة، خاصة أنه سوف يوفر استجابات مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتنا المحلية.
تمكين مراكز الفكر من الاضطلاع بدورها في مواجهة التهديدات الفكرية الناجمة عن استغلال الجماعات الإرهابية لهذه التقنيات. من خلال إجراء الدراسات المتعلقة بتحصين الوعي الجمعي العربي
تحسين القوانين والأنظمة ذات الصلة المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، وتعزيز تبادل المعلومات المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب بمساعدة الجماعات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
ثالثا: مسئولية مراكز الفكر:
ينبغي أن تضطلع مراكز الفكر بمسئولياتها تجاه زيادة وعي المجتمعات العربية بمخاطر استخدام الجماعات الإرهابية للذكاء الاصطناعي. وذلك من خلال الفعاليات المقترحة التالية:
عقد المؤتمرات والندوات العامة ورش العمل ونشر التقارير لزيادة الوعي تجاه كيفية التعامل مع المعلومات المضللة وطرق التحقق من صحتها. وبالجهود المتواصلة لوضع حلول تقنية متطورة لمكافحة استخدام الذكاء الاصطناعي في تحقيق الأغراض الخبيثة، مثل التزييف العميق وإنتاج الأخبار الزائفة
تزويد المؤسسات الإعلامية بنتائج الدراسات وتوصياتها لتعزيز مصداقية الأخبار التي تنشرها.
نشر المقالات والدراسات لتعميق الفهم لدى الأفراد والهيئات والمؤسسات بكيفية الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي في التنمية، والعواقب القانونية لإساءة استخدامه. وتوضيح العلاقة بين التكنولوجيا ومكافحة الإرهاب، لإزالة المعوقات التي قد تواجه الأجهزة الأمنية أثناء عمليات التفتيش والمسح الاليكتروني
تقديم الدورات التدريبية حول الأمن السيبراني، الذي أصبح قضية أمن قومي بالمعنى الحرفي
دراسة التعاريف المختلفة للجرائم الإرهابية التي تقترحها دول العالم وعرضها بشكل موجز.
دراسة أساليب الجماعات الإرهابية في الدعاية والتجنيد عبر منصات التواصل الاجتماعي وبرامج الدردشة.
تحليل استراتيجيات الجماعات الإرهابية لتقويض الاستقرار السياسي بالدول العربية بأدوات غير تقليدية.
دراسة التدابير القانونية والتقنية والتعليمية التي يمكن اتباعها لمواجهة هذا النوع من التهديدات
دراسة كيف يغير الذكاء الاصطناعي هيكل القوة بأنماطها الاستراتيجية وتفاعلاتها في العالم. وإلى أي مدى سوف يؤثر على طبيعة النظام الدولي وجوهر النظام الإقليمي. وما مدى تأثير الطفرات التكنولوجية على بقاء الدول. وما مدى استجابة هذه الدول للتفاعل معها.
رابعا: مسئولية جامعة الدول العربية:
يمكن للأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن تضطلع بدور في مسئولية مكافحة استخدام الجماعات الإرهابية والمتطرفة للذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال المقترحات التالية:
دعم مراكز الفكر لتأسيس وحدات رصد وتنبؤ ومعالجة البيانات والمعلومات عن الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وتحليلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
طرح مسابقة الموهوبين العرب وتدريبهم بشكل مستمر على استخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ ليشاركوا في تطوير استراتيجيات وتكتيكات المواجهة السيبرانية مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة
إنشاء منصة عربية مشتركة للتعاون السيبراني؛ لحرمان الجماعات الإرهابية من استهداف البنى التحتية الحيوية، أو اختراق شبكة المعاملات المالية للبنوك. صياغة الأطر القانونية التي تكفل ذلك
إنشاء آلية عربية للاستجابة لحالات الطوارئ الإرهابية، لتحسين قدرة الدول العربية على التعامل مع الهجمات الإرهابية بكفاءة وحماية الأرواح والممتلكات من الهجمات الإرهابية
خامسا: استخدام الذكاء الاصطناعي:
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً مهماً في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تحليل البيانات والصور ومقاطع فيديو، واستخراج المعلومات التي تساعد في تحديد الأنماط السلوكيات للعناصر الإرهابية والتنبؤ باتجاهاتها ومخططاتها، ورصد وتتبع تحركاتها التحضيرية، مثل شراء الأسلحة واستئجار المركبات وغيره. ومن ثم توجيه إنذار مبكر للإدارات ذات الصلة لاتخاذ اللازم. ناهيك عن أنه يوفر المعلومات اللازمة حول تجارب الدول الأخرى، والاستفادة منها بوصفها مرجعًا في تطوير عمليات منع ومكافحة الإرهاب. وقد أشار تقرير لمعهد السلام الأمريكي بعنوان: كيف يستخدم الإرهاب الحديث الإنترنت، إلى أن الجماعات الإرهابية تستخدم ثماني طرق رئيسية، بما فيها الحرب النفسية والتلاعب بالرأي العام واستخراج البيانات والتجنيد والتحريض وتبادل المعلومات وتخطيط وتنسيق الهجمات الواقعية والهجمات السيبرانية.
وبناء ما سبق، يمكن القول إن استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب، سوف يسهم في تحقيق ما يلي:
مراقبة وتحليل محتوى شبكات التواصل الاجتماعي، بعد أن أصبحت منصة لنشر الأيديولوجيات، والاستقطاب والتخطيط للعمليات.
مسح وتحليل البيانات المنشورة على شبكة المعلومات الدولية، بواسطة تقنيات معالجة اللغة الطبيعية والخوارزميات، ومن ثم تحديد العناصر الإرهابية المحتملة، وتحليل أنماط لغة خطابهم، وخصائصهم السلوكية، وتحليل مشاعرهم وبناء قاعدة معلومات التهديد المحتمل.
تحديد الهيكل التنظيمي والتسلسل القيادي للجماعات الإرهابية، وأعضائها الأساسيين وشبكات دعمها، وطرق تسللها إلى المناطق المستهدفة، من خلال تحليل سجل المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني ورسائل منصات التواصل الاجتماعي.
التعرف على الأسلحة والعلامات والرموز المرتبطة بالجماعات الإرهابية، وتحليل محتوى الصور ومقاطع الفيديو على نحو يساعد على اكتشاف الأنشطة الإرهابية ومنعها في وقت مبكر.
رصد وتحليل التهديدات المحتملة تلقائيًا من خلال تحليل بيانات الاستشعار، واقتراح الاستجابة المناسبة، ورسم خططها تلقائيًا، بناءً على نوع التهديدات ومدى خطورتها وإصدار إشارات الإنذار المبكر وقتها، على نحو يحسن الاستجابة لحالات الطوارئ بكفاءة وفعالية سرعة، واتخاذها التدابير الوقائية اللازمة، بعد تحديد متطلبات المهمة تلقائيًا، ووضع خطط استجابة تلقائية للطوارئ، وإخطار الإدارات ذات الصلة.
لا شك أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب، ينطوي على أهمية قصوى؛ نظرا لأنه سوف يساعد في تدقيق البيانات وتحليلها وتفسيرها، ومن ثم إجراء الدراسات الدقيقة، والتقييم الصحيح لمستوى التهديدات والمخاطر، وتقديم النتائج والتوصيات إلى صانعي القرار؛ لإقرار الأطر القانونية والإجراءات التنفيذية المناسبة على المستوى التكتيكي والاستراتيجي. خاصة أنه يكشف الجوانب المهمة التالية:
طرق استخدام الجماعات الإرهابية الاتصالات المشفرة ومنصات التواصل الاجتماعي والويب المظلم لنشر أفكارها المتطرفة وفي الاستقطاب والتجنيد والتخطيط والتمويه وإخفاء الهوية وتجنب المراقبة، وتأمين عمليات الاحتيال، وسرقة الهوية، وجمع العملات المشفرة لتمويل عملياتها الإجرامية.
كيف تتلاعب الجماعات الإرهابية بخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل السري باستخدام الألعاب الإلكترونية بهدف تعزيز الدعاية والتعبئة. إضافة إلى أساليبها في تقويض التماسك الاجتماعي، وتأجيج الانقسامات، وبث الكراهية والتحريض على العنف والتطرف بغرض تدمير السلم الاجتماعي