الرئيسية » الدراسات » تصورات استراتيجية مقترحة لإدارة عمليات حفظ السلام المشتركة

تصورات استراتيجية مقترحة لإدارة عمليات حفظ السلام المشتركة

بواسطة :

  • في ساحل العاج، بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المعارضة الشمالية والنظام في 17 أكتوبر 2002م، لم تلتزم به الأطراف، إضافة إلى دخول طرف جديد في الصراع، ببروز تمرد في الغرب، مما دفع الجماعة إلى ضرورة إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، ونشر قوات للفصل بين الأطراف الثلاثة. وهنا يلاحظ مشاركة كل القوي السياسية والعسكرية في هذا الاتفاق، عكس الحالات الأخرى، ويساعد هذا الشمول على تحقيق الاستقرار والأمن ويضمن عدم نكوص أي طرف على تحقق بيئة آمنة لقوات حفظ السلم لأداء مهامها. إلا أن عملية انتشار القوات لم تتم في موعدها المحدد؛ نظراً لعدم وفاء بعض الدول بتوفير القوة المشاركة، وعلى رأسها «نيجيريا» كما يلاحظ غلبة مشاركة قوات الدول الفرنكوفونية (السنغال-توجو-بنين).
ويلاحظ في هذه الحالة أن الجماعة لم تستخدم حقها في استخدام القوة لفرض السلم بسبب عدم رغبتها في استفزاز أي من أطراف الصراع من ناحية، وخشية أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع بدلا من تسويته. فضلاً عن أن مهام «فرض السلم» تحتاج إلى حجم قوات لم يتوفر في هذه الحالة، مثل الحالات السابقة، بسبب تراجع نيجيريا عن المشاركة.
  • في بوروندي، على الرغم من عدم انضمام كل أطراف الصراع إلى اتفاق «اروشا» للسلم، إلا أن الاتحاد الأفريقي نجح في مراقبة وقف إطلاق النار، وتحقيق بيئة آمنة، إضافة إلى منع تصاعد العنف باستثناء منطقة «بوجمبورا» كما ساهمت العملية في إعادة أعداد كبيرة من النازحين داخلياً وخارجياً من «تنزانيا» وساهمت أيضا في برنامج تسريح المقاتلين وإعادة دمجهم بالمجتمع المدني. بالإضافة إلى تهيئة الأجواء والبيئة الأمنية لعملية شاملة للأمم المتحدة خلال عام.
  • في دارفور، بدأ الاتحاد الافريقي العمليات بإرسال ثمانين مراقباً عسكرياً، في ابريل 2004م للمشاركة في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين. ثم رفع هذا العدد تدريجيا إلى أن وصل 2،341 عسكريا. إلا أن هذا العدد لم يكن كافياً لإقرار الأمن في المساحة الشاسعة لإقليم «دارفور» مما حدا بالمنظمة الأممية إلى الاتجاه لتحويل العملية للأمم المتحدة. خاصة في ظل وجود عاملين يصعب معهم مواصلة العملية الأفريقية: العامل الأول، هو القصور في الإمكانات اللوجستية والتمويلية للاتحاد الأفريقي، والثاني، هو عدم وجود سلم يمكن حفظه، في ظل عدم توقيع كل أطراف الصراع على اتفاق السلم الشامل الموقع في مايو2006م، وقو قوبل هذا التحويل برفض الحكومة السودانية؛ بدعوي السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة.
عقب الاتفاق على إنشاء عملية مشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بموجب القرار رقم 1769 في 31 يوليو2007م، قامت الأمم المتحدة بتوفير مجموعات الدعم الخفيف والقوي من أجل رفع القدرات البشرية واللوجستية للعملية حيث وصل عدد القوات بحلول أكتوبر 2008م إلى 10،537 فرد والذي وصل 19،248 بحلول 2016م والذي معه انعكس الوضع الأمني بالإيجاب رغم ظهور الكثير من حالات الانفلات الأمني في الإقليم.
  • في مالي، في يونيو2012م بدأت مفوضية «ايكواس» في مناقشة إمكانية إرسال عملية لحفظ السلم لتمكين سلطات «مالي» الشرعية من استعادة مناطق الشمال الواقعة تحت سيطرة المتمردين والجماعات الإرهابية. ساندت الأمم المتحدة والمانحون من الخارج (الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وفرنسا) هذا التوجه، وطالبت دولة مالي «ايكواس» والاتحاد الأفريقي من الأمم المتحدة استصدار قرار يسمح بعملية لـ «ايكواس» تحت الفصل السابع من أجل فرض السلم في «مالي» بالتنسيق مع قواتها المسلحة.
وفي 20 ديسمبر 2012م، صدر قرار مجلس الأمن رقم (2085) بإنشاء عملية لحفظ السلم تحت القيادة الأفريقية (AFISMA) لمدة عام، للمساعدة في بناء قدرات الجيش المالي، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين (الاتحاد الأوروبي الدول المشاركة) والمساهمة في استعادة السلطات المالية لمناطق الشمال. وشمل القرار إنشاء مكتب للأمم المتحدة في «مالي» لتنسيق الجهود.
ونتيجة للعمليات العسكرية الفرنسية والأفريقية التي نُفّذت، جنباً إلى جنب مع الجيش المالي بالمناطق الشمالية، شهد الوضع الأمني في مالي تحسنا كبيرا. ومع بداية فبراير 2013م، وصلت قوات تعدادها 3000 جندي لمساندة عملية «ايكواس» AFISMA، فيما طلبت الولايات المتحدة وفرنسا من مجلس الأمن تحويل العملية للأمم المتحدة. وقرر الاتحاد الأفريقي مساندة عملية التحول هذه. ولكن على أسس، منها أن يشمل تفويض العملية الأممية تدخلاً قوياً ينطوي على عمليات لفرض السلم.
  • في أفريقيا الوسطي، حسنت العمليات المشتركة للقوات الأفريقية والفرنسية الوضع الأمني بصورة كبيرة. ففي العاشر من أبريل 2014م، أصدر مجلس الأمن القرار رقم (2149) بتحويل عملية الاتحاد الأفريقي إلى الأمم المتحدة من (MISCA)إلى (MINUSCA)اعتباراً من 15 سبتمبر 2014م، أي خلال ستة أشهر. وفي نفس السياق، أرسل الاتحاد الأوروبي عملية عسكرية لدعم الأمن والسلم في «بانجي»(EUFOR-RCA) وقد ثبت أن عمليات الانتشار السريع لقوات بعثة الدعم الدولية وعملية قوات «سنغاريس» (singharis) الفرنسية حاسمة لإنقاذ أرواح المدنيين ومنع حدوث مأساة أكبر في جمهورية أفريقيا الوسطي. ومع ذلك، ونظراً لحجم الأزمة واتساع نطاقها الجغرافي، فإن المتطلبات الأمنية على أرض الواقع فاقت قدرة القوات الدولية المنتشرة وعددها. واستمر العنف وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد على الرغم من وجودها.
  1. السيطرة على الموارد الطبيعية وتجارة السلاح
عادة ما يظهر الصراع، في الدول التي تكون حكوماتها فاشلة في السيطرة على مواردها الطبيعية وأوضاع الأمنية خارج نطاق سيطرتها، وتحت سيطرة الأطراف المتنازعة، والتي تستخدم عائدات هذه الموارد في تمويل نفسها والحصول على الأسلحة وتجنيد الأفراد مما يؤدي إلى استمرار وتصاعد حدة الصراع.
وقد حظيت القارة الأفريقية بثروات طبيعية وخامات استراتيجيه، كان يجب أن تستغل من أجل التنمية وتحسين مستوي المعيشة للمواطنين وليس لفئة، أو اثنية معينة، وهوما حدث في معظم الدول التي نشأت بها صراعات. فمعظم جماعات التمرد الضالعة في صراعات بأفريقيا كانت تسعي للسيطرة على الموارد الطبيعية من أجل تمويل قدراتها وشراء الأسلحة اللازمة ضمانا للتفوق على باقي الأطراف الأخرى. بل وتساعد على استمرار الصراع والخسائر على حد السواء. ولكي تؤتي عمليات حفظ السلم ثمارها لابد أن تشمل السيطرة على هذه الموارد؛ من أجل تحجيم استمرار الصراعات وتجفيف منابع التمويل، وإجبار أطرافها إلى طاولة المفاوضات والحلول السياسية دون الحلول العسكرية.
  • ‌أ- في ليبيريا، حاولت قوات «ايكوموج» في الحفاظ على الثروات الليبيرية، ومواجهة عمليات نهب الأخشاب والماس والذهب والحديد، عبر الاستيلاء على معدات التعدين ومحاصرة منافذ التصدير الأساسية في «هاربر» (Harper) و«جرين فيل» (Greenville) و«بوشمن» (Buchman) غير أن ذلك لم يكن كافيا لإنقاذ ثروات البلاد؛ نظرا لتواطؤ دول اخري مثل «بوركينا فاسو» و»ساحل العاج» في تهريب الثروات الليبيرية، حيث كان يتم تصدير الموارد الليبيرية عن طريق ميناء «سان بيدرو» (San Pedro) بساحل العاج. بل إن بعض التقارير قد أشارت إلى تورط قوات «ايكوموج» في عمليات تهريب الماس والذهب والأخشاب في المناطق التي تسيطر عليها.
وفي مارس 2001م، أصدر مجلس الأمن عدة قرارات بحظر تجارة الماس والأخشاب المستغلة من قبل تايلور، كما أصدر القرار رقم (1509) لمساندة الحكومة الانتقالية للسيطرة على الموارد الطبيعية، وعلى الرغم من نجاح الأمم المتحدة في ذلك، وإجراء إصلاحات هيكلية للإدارة وتدريب كوادر إدارية قادرة على التعامل مع تهريب هذه الموارد، إلا أنها فشلت عمليا في السيطرة على هذه الموارد؛ بسبب عدم مساندة الحكومة الانتقالية، وعدم القدرة على إرسال قوات سواء محلية أو دولية خاصة في مناطق الحدود مع «سيراليون» و«ساحل العاج» الغنية بالماس والأخشاب.
  • ‌ب- في سيراليون، سيطرت قوات (RUF) على مناجم الماس بجنوب وشرق «سيراليون» حيث عقد الرئيس «سنكوه» و«تايلور» في ليبيريا صفقات لمبادلة الماس بالسلاح، وأقام «تايلور» شبكة تجارة مع عدة دول أبرزها بلجيكا والهند، وأصبح الماس أحد أهم موارد تمويل الحرب في «سيراليون». وكان تهريب الماس عبر الحدود الليبيرية يتم تحت سيطرة حافظي السلم. وحاول مجلس الأمن الدولي، بعد تحول العملية إلى الأمم المتحدة، من خلال التفويض إدراج مهام السيطرة على الموارد الطبيعية وتجارة الماس ضمن مهام قوات حفظ السلم، إلا أن الرئيس «سنكوه» عارض ذلك؛ واعتبره تعديا على السيادة الإقليمية للدولة. وفي أعقاب وفاته استطاع مجلس الأمن عام 2004م من إضافة مهام لدوريات مشتركة بين قوات حفظ السلم والجيش الوطني على الحدود من أجل السيطرة على هذه التجارة.
  • ‌ج- في ساحل العاج، صدر قرار مجلس الامن رقم (1643) عام 2005م بفرض حظر على تجارة الماس، المتركزة في الشمال تحت أيدي قوات المعارضة، في ذلك الوقت. ولم يذكر تفويض العملية الأممية في ساحل العاج مهام للسيطرة على الموارد الطبيعية، وإن كان قد أوكل اليها مساندة خبراء الأمم المتحدة المعنية بتحليل المعلومات الخاصة بتجارة الأسلحة والمواد المتعلقة بها. وذلك بتوفير المعلومات الميدانية، ومصادر تمويلها بما فيها الموارد الطبيعية.
  • ‌د- في بوروندي، العملية بالدرجة الأولي كانت تنطوي على أعمال مراقبة لوقف إطلاق النار، وعمليات لبناء السلم ولم يشمل التفويض على مراقبة للثروات والموارد الطبيعية للدولة.
  • ‌ه- في دارفور، صدر قرار مجلس الأمن رقم (1706) عام 2006م، محدداً لمهام التفويض القادم للعملية المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، التي تشمل تحريز وجمع الأسلحة والمواد المتعلقة بها، والتي كان يمثل وجودها في دارفور خرقا لاتفاق السلم الشامل، وأن يتم القضاء على هذه الأحراز بالطرق المتبعة.
أما بالنسبة للموارد الطبيعية، فالصراع عليها كان يتمثل في المياه والأرض، وكانت القوات تقوم فقط بدوريات حماية للنساء اللائي يخرجن من ملاجئ الإيواء لإحضار الحطب والمياه، وأصبحت من المهام اليومية للقوات، حيث سجلت التقارير قيام قوات حفظ السلم بأكثر من 26،000 دورية لهذا الغرض.
  • ‌و- في مالي، حث القرار رقم (2100) الصادر عن مجلس الأمن السلطات الانتقالية بالتنسيق مع العملية الأممية والشركاء الدوليين اتخاذ كافة التدابير من أجل السيطرة على تهريب السلاح والإتجار في الأسلحة الصغيرة بما يتوافق مع ميثاق «ايكواس» وبرنامج الأمم المتحدة، ومنها تدمير الأسلحة والأحراز المتعلقة.
  • ‌ز- في أفريقيا الوسطي، قرر مجلس الأمن في القرار رقم (2127) في 5 ديسمبر 2013م أن تتخذ جميع الدول الأعضاء على الفور، لفترة أولية مدتها عام واحد من تاريخ اتخاذ هذا القرار، ما يلزم من تدابير لمنع توريد جميع أنواع الأسلحة وما يتصل بها من أعتدة إلى جمهورية «أفريقيا الوسطي» أو بيعها لها، أو نقلها إليها بشكل مباشر، أو غير مباشر. ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية وشبه العسكرية وقطع غيارها. انطلاقا من أراضيها، أو عبرها، أو على أيدي رعاياها، أو باستخدام السفن، أو الطائرات التي ترفع أعلامها، ومنع توفير المساعدة التقنية والتدريب والمساعدة المالية وغيرها من أشكال المساعدة، فيما يتصل بالأنشطة العسكرية، أو توفير أسلحة، أوما يتصل بها من أعتدة، أو صيانتها، أو استخدامها، بما في ذلك توفير أفراد المرتزقة المسلحين سواء كان مصدرهم أراضيها أم لا.
  1. فرض عقوبات على الأطراف الرافضة للحلول السلمية:
يعد توقيع عقوبات على أطراف الصراع، من صميم عمل مجلس الأمن الدولي، ويتم إدراجها ضمن مهام التفويض. وتشمل هذه العقوبات قيادات الجماعات، وحظر الأسلحة وتهريبها عبر الحدود، وحظر الطيران فوق مناطق محددة، وحظر تجارة الموارد الطبيعية المتوفرة في الدولة. فأطراف الصراع التي تقوم بخرق الاتفاقات أثناء العمليات، خاصة التي تتعلق بالاعتداء على قوات حفظ السلم، يجب أن يشملها جزء كبير من التفويض والمهام ويتم توقيع عقوبات تحد من قدراتها خاصة العسكرية، كما يجب السيطرة على طرق تهريب الأسلحة وقطع عملية تدفق الاسلحة والعتاد للأطراف المتنازعة خاصة عبر حدود الدول المجاورة.
  • ‌أ- في ليبيريا، سعي مجلس الأمن إلى دعم جهود «ايكواس» فأصدر القرار رقم (788) في 19 نوفمبر 1992م، والذي أكد فيه على مشروعية تدخل «ايكواس» كما فرض حظراً شاملاً على تصدير السلاح إلى «ليبيريا» وقد ساعد ذلك القرار قوات «ايكوموج» على إحراز المزيد من الانتصارات، مما اضطر «»تايلور إلى الموافقة على توقيع اتفاق «كوتونو» للسلم في «بنين» في 17 يوليو1993م، تحت رعاية الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية و«ايكواس» وقد تمثلت أهم بنوده على وقف إطلاق النار، ونزع سلاح الفصائل المتحاربة، وتشكيل حكومة انتقالية تمثل الأطراف الرئيسية للصراع لحين تشكيل حكومة منتخبة ومجلس تشريعي في سبتمبر 1994م. وفي محاولة لتنفيذ اتفاق «كوتونو» أصدر مجلس الأمن القرار رقم (866) في 22 سبتمبر 1993م الذي أقر فيه بإنشاء بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في «ليبيريا» (UNOMIL) بعد تجدد الصراع أثناء تولي «تايلور» السلطة في البلاد، قامت الأمم المتحدة عام 2003م، بفرض حظر على التسليح مما أضعف قدرات «تايلور» العسكرية، إضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية وهو ما أدي إلى لجوئه إلى نيجيريا.
  • ‌ب- في سيراليون، أصدر مجلس الأمن حظرا على تجارة البترول والسلاح، ثم طلب من الحكومة الليبيرية بموجب القرار رقم (1343) في 7 مارس عام 2001م، طرد كل أعضاء (RUF)من ليبيريا، ووقف كل الدعم والمساندة المالية والعسكرية لهم، وحظر تبادل الألماس، وحظر الطيران الليبيري لحين تنفيذ بنود القرار. وفي مايو2001م، صدرت عقوبات ضد ليبيريا لمساندتها المتمردين في سيراليون. كما بدأت قوات الأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات نزع السلاح من جميع الأطراف. ثم قامت الولايات المتحدة بقيادة جهود فرض حظر شامل على تجارة الماس في ليبيريا. وأصبحت إجراءات نزع السلاح وتسريح المحاربين في سيراليون تسير بصورة سريعة وفعالة، مع حلول نصف عام 2001م.
  • ‌ج- في ساحل العاج، تضمن التفويض مراقبة تنفيذ التدابير المفروضة بموجب الفقرة السابعة من القرار رقم (1572) لعام 2004م، بالتعاون مع فريق الخبراء المنشأ بموجب القرار (1584) لعم 2005م، ومع بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا وبعثتها في سيراليون والحكومات المعنية عند الاقتضاء، بوسائل منها تفتيش حمولات الطائرات وأي مركبة تَستخدِم المطارات ومهابط الطائرات والمرافئ والقواعد العسكرية والمراكز الحدودية في ساحل العاج، حسب ما تراه ضروريا، ومن دون إشعار مسبق؛ والقيام، حسب الاقتضاء بجمع الأسلحة وأي نوع من الأعتدة المتصلة بها، التي تم جلبها إلى ساحل العاج، انتهاكا للتدابير المفروضة بموجب الفقرة السابعة من القرار (1572) لعام 2004م، والتخلص منها ومن الأعتدة بالطرق المناسبة.
  • ‌د- في بوروندي، لم يصدر مجلس الأمن أي قرار يفرض من خلاله عقوبات على قوات التحرير الوطنية، الطرف الغير موقع على اتفاق «اروشا»
  • ‌ه- في دارفور، أصدر مجلس الأمن القرار رقم (1564) عام 2004م، الذي أكد فيه أنه في حال عدم امتثال حكومة السودان امتثالا كاملا للقرار رقم (1556) لعام 2004م، وعدم تعاوﻧﻬا تعاونا تاما لتوسيع وتمديد بعثة الاتحاد الأفريقي للرصد في دارفور، سينظر في اتخاذ تدابير إضافية تنص عليها المادة ٤١ من ميثاق الأمم المتحدة، كاتخاذ إجراءات تؤثر على القطاع النفطي في السودان وعلى حكومة السودان، أو أفراد من أعضاء حكومة السودان، من أجل اتخاذ تدابير فعالة تضمن هذا الامتثال الكامل أو التعاون التام. إلا أن الواقع الفعلي أثبت فشل مفاوضات السلم الشامل لعاملين أساسيين: الأول، هو إحساس كل طرف أو فصيل أثناء مرحلة المفاوضات بقوة مركزه العسكري على المستوي الميداني، ومن ثم لم يكن في الاعتبار تقديم أي تنازلات في مرحلة المفاوضات. أما الثاني، فهو حدوث انقسامات وظهور جماعات جديدة منبثقة داخل كل طرف؛ مما أدي إلى عدم القدرة على تحقيق السلم الشامل أو حدوث اتفاق بين جميع الأطراف، الأمر الذي أحدث قصورا في شمولية الاتفاق، إذ لم يتعرض أي طرف لعقوبات ترغمه على تقديم تنازلات تساعد على إتمام اتفاق شامل.
وعقب توقيع الاتفاق الشامل للسلم في دارفور، قام مجلس السلم والأمن بوضع موعد نهائي للأطراف الغير مشاركة في الاتفاق من أجل الانضمام، إلا أن هذه الأطراف رفضت الانضمام مما حدا بالمجلس لتوقيع عقوبات منها تحديد التحركات والسفر، إلا أن هذه العقوبات أخذت شكلاً رمزياً؛ نظراً لعدم قدرة القوات الأفريقية على تنفيذها. كما أن تنفيذ هذه العقوبات يضع الاتحاد الأفريقي في مواجهة مع هذه الأطراف.
جدير بالذكر أنه بعد إصدار محكمة العدل الدولية لقرار توقيف الرئيس «عمر البشير» رفضت بعض الفصائل الدخول في مفاوضات؛ على اعتبار أن الرئيس يعد في حكم مجرم الحرب. وقد ظهر الاختلاف بين مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي حول هذه العقوبة، التي حاول مجلس السلم والأمن الأفريقي منعها؛ انطلاقا من أنها سوف تعرقل السلم وتعقد الأمور أكثر بدارفور، خاصة فيما يتعلق بأمن وسلامة القوات الأفريقية في عملية دارفور. فيما كان الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن – الولايات المتحدة، بريطانيا، وفرنسا يصرون على توقيع هذه العقوبة، بينما روسيا والصين كانتا تعتبران أنه يجب إعطاء فرصة للحكومة السودانية لحل هذا الصراع «الداخلي» وإن كانا لم يبديا تأييدهما لمجلس السلم والأمن الأفريقي.
من ناحية أخري، ظهر خلاف بين الدول الأفريقية ذاتها داخل مجلس السلم والأمن الأفريقي في سياق الاختلاف العربي الأفريقي، فيما بين دول الشمال المعارضة لقرار محكمة العدل الدولية ودول جنوب الصحراء المؤيدة للقرار بصورة جزئية. وعموما كانت الدول الأفريقية تتعامل مع القرارات الخاصة بدارفور وفق مصالحها الإقليمية فنري مصر والجزائر وليبيا من جهة ونيجيريا في غرب أفريقيا وأثيوبيا وكينيا في الشرق وجنوب أفريقيا في الجنوب كدول محورية ذات ثقل يحكم قراراتها وتوجهاتها مصالحها الاستراتيجي.
  • ‌و- في مالي، أعرب مجلس الأمن في القرار رقم (2227) لعام 2015م عن استعداده للنظر في فرض جزاءات محددة الهدف على الأطراف التي تهدد عرقلة تنفيذ اتفاق السلم او الذين يستأنفون الأعمال العدائية وينتهكون وقف إطلاق النار. وكذلك على الذين يهاجمون أو يتخذون أفعالاً تهدد البعثة المتكاملة.
  • ‌ز- في أفريقيا الوسطي، أصدر مجلس الأمن، في 5 ديسمبر 2013م، القرار رقم (2127) الذي يقر فيه النظر بسرعة فرض تدابير بحظر السفر وتجميد أصول الأفراد الذين يعملون على تقويض السلم والأمن، بما في ذلك الانخراط في أعمال تهدد أو انتهاك الاتفاقات الانتقالية أو القيام بأعمال أو دعم أعمال تهدد أو تعرقل العملية السياسية بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان وتجنيد الأطفال واستخدامهم في الصراعات المسلحة أو دعم الشبكات الإجرامية التي تقوم بالاستغلال الغير مشروع للموارد الطبيعية بما فيها الماس.
ويتضح، بناء على ما سبق، أن عملية التخطيط الاستراتيجي في سياق العمليات المشتركة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الأفريقية يجب أن تتم مبكرا مع أول تدخل للمنظمة الإقليمية، لأن أول تدخل يثبت حدوثه في بيئة لا يوجد بها سلم لحفظه. وأن تنطوي هذه الاستراتيجي على تدخل قوي وسريع مدعوم من القوي الكبري والإقليمية لوجستيا وعسكريا.
كما أن تفويض العمليات يجب أن يشمل بالدرجة الأولي – إلى جانب مساندة الوضع الإنساني من التدهور – السيطرة على الموارد الطبيعية وتجارة السلاح التي تمول آلة الحرب وتشكل خطر سواء على المدنيين، أو قوات حفظ السلم، مما يعجل بعودة الأطراف إلى المفاوضات والحلول السياسية، وسرعة تحول العمليات إلى الأمم المتحدة. وعلي التوازي، فعلي مجلس الأمن الدولي وبالتنسيق مع المنظمات الإقليمية الافريقية ودول الإقليم، توقيع عقوبات فعالة وتوفير الدعم للقوات الإقليمية والأممية من أجل التنفيذ الفعلي والعملي لهذه العقوبات، والتي أيضا من شأنها تشكيل ضغط على الأطراف الرافضة للحلول السياسية للعودة بهم إلى طاولة المفاوضات والحلول السياسية.
ثانيا: توحيد أهداف التدخل في ظل دوافع الأطراف ومصالحهم
ثمة حاجة لتوحيد المبادئ بين كل من الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية بأفريقيا حيال عمليات التدخل، والتي لا تتحقق وفق مبادئ الأمم المتحدة إلا في حال وجود حل سياسي باتفاق سلم ملزم لكل الأطراف وفق مبدأ موافقة أطراف الصراع على عملية التدخل. وهنا تبرز المعضلة بين تحقق المبدأ وحتمية التدخل في حالات الجرائم ضد الإنسانية. بينما الأمر يختلف مع المنظمات الأفريقية التي يقوم مفهومها على التدخل في صراعات على حتمية فرض السلم قبل حفظه.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمليات المشتركة وفق مفاهيم كلا المنظمتين، وبناء على التجارب السابقة، لابد أن تبدأ بعمليات لفرض السلم من قبل المنظمات الأفريقية؛ لتتحول بعدها إلى عمليات لحفظ السلم سواء بالشراكة مع الأمم المتحدة «العمليات المتكاملة» (Integrated) أو من خلال انتقال العمليات للأمم المتحدة «العمليات المتتابعة» (Sequential).
في معظم الحالات هناك أسباب معلنة وأسباب خفية لعملية التدخل تنطوي على مصالح القوي المختلفة، سواء الدول المشاركة، أو المنظمة الإقليمية، وكذلك القوى الكبرى والمنظمة الأممية. فالأسباب المعلنة في حالات الصراعات الأفريقية تكون متشابهة مع أجواء الحروب الأهلية، وهي إنهاء المذابح وحماية المدنيين وضحايا الصراعات الداخلية. التي تكون نتاج انهيار النظام والقانون، وفقدان الدولة للسيطرة الأمنية على أراضيها، إضافة إلى البعد الاستراتيجي لدول الإقليم التي تتأثر بمشكلات اللاجئين وتهريب السلاح أو انتقال الإضرابات بالمحاكاة.
فالأمم المتحدة، يظهر تدخلها بهدف إثبات عدم الإهمال في التدخل في الصراعات الأفريقية، والقيام بالدور الرئيسي في ظل إحجام كثير من الدول وخاصة القوي الكبري بالمخاطرة بقواتها في صراعات مسلحة؛ نظراً لمشاركتها المتأخرة عقب التدخل الإقليمي. إلا أنه وبمجرد زوال مخاطر التدخل ووجود اتفاق سلم، تبدأ في اتخاذ التدابير لإنشاء عملية لحفظ السلم وتعول على قوات المنظمات الإقليمية التي تبادر بالتدخل في المراحل الأولي، وتحول هذه القوات تحت قياداتها.
على جانب أخر، وخلال المراحل الأولي من عملية التدخل وفي ظل الأوضاع الأمنية المتردية، فالأمم المتحدة أصبحت تعوضه من خلال الارتكان على التدخل الفردي للقوي الكبري التي يهدد الصراع مصالحها أو مناطق هيمنتها. إلا أنه وعلى الرغم من القصور من جانب الأمم المتحدة خاصة في المراحل الأولي من الصراع، تبقي هي الطرف الأوحد في منظومة حفظ السلم والأمن القادر على إنشاء عمليات قادرة على الاستمرار. وذلك بفضل الدعم العالمي لها والذي تتفوق به دون أي قدرات إقليمية، أو حتى قوي كبري.
في ليبيريا، كان هنالك انقسامات بين دول «ايكواس» الانجلوفونية والفرنكوفونية حول التدخل ومواقفهم من أطراف الصراع. فقد أكدت بوركينا فاسو وساحل العاج والسنغال أن تدخل «ايكوموج» كان مدفوعا برغبة نيجيريا في الهيمنة الإقليمية.
كما رفضت مالي وتوجو المساهمة بقواتهما المسلحة في إطار «ايكوموج» رغم أن الدولتين كانتا من أعضاء لجنة الوساطة التي تشكلت لحل الصراع. وقد عارضت نيجيريا وغانا تولي تايلور رئاسة البلاد، في حين حظي تايلور بتأييد بوركينا فاسو وساحل العاج والسنغال، حيث ساهمت هذه الدول في تهريب السلاح وتوفير الدعم واللوجستيات لقوات تايلور.
في سيراليون، تولت نيجيريا قيادة قوات «ايكوموج» ، ومارست دوراَ مسيطراَ في إطارها، إلا أن ذلك لم يمنع الانقسام، فبينما كانت معظم دول «ايكواس» ، تقف إلى نظام الرئيس كاباه، فإن بعض دولها كانت تؤيد المتمردين وتمدهم بالسلاح أو تسهم في تهريبه عبر أراضيها مثل ليبيريا، بوركينا فاسو، وجامبيا. ومع وصول بعثة الأمم المتحدة، أصبح هنالك نوع من التنافس بين دور «ايكواس» ودور الأمم المتحدة، حيث كانت ترغب نيجيريا في قيادة قوات الأمم المتحدة نظراً لمعرفتها بطبيعة المنطقة وتضاريسها جيدا، غير أن الأمين العام للأمم المتحدة رفض ذلك. ولذا كان العديد من قادة دول «ايكواس» وخاصة نيجيريا غير مرحبين بوضع «ايكوموج» تحت قيادة ضابط هندي في إطار قوات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة. وقد ذهب البعض إلى أن قادة دول غرب أفريقيا، وخاصة نيجيريا قد حاولوا بسط سيطرتهم على الأوضاع في سيراليون بعد التعثر الذي واجهته قوات الأمم المتحدة، وذلك من اجل ترسيخ دور قوات «ايكوموج» في حفظ السلم والأمن في إقليم غرب أفريقيا. وقد انتقلت الأمم المتحدة من بعثة رمزية عام 1998م، إلى عملية حفظ سلم متكاملة عام 2000م وذلك لاستعراض قوة المنظمة، وقيامها بالدور الرئيسي، خاصة بعد خطف 500 جندي من قوات حفظ السلم في بداية العملية.
فالأهداف السياسية كانت تقع بالأخص على الدول القيادية في عمليات «ايكواس» مثل نيجيريا، وتحديداً في قيادتها السياسية الممثلة في الرئيس «بابانجيدا» الذي كان على صلة وثيقة بزعيم ليبيريا «صامويل دو» ورئيس سيراليون «جوزيف موموا» فيما كانت بوركينا فاسو وساحل العاج مؤيدة لتايلور لأسباب شخصية. وبوجه عام كان هنالك اتجاه لدول المنطقة ومنظمة «ايكواس» نحو إجهاض محاولات التمرد وإسقاط الحكومات الشرعية بالإقليم.
في ساحل العاج، قررت مجموعة «ايكواس» في قمتها التي عقدت في أكرا في سبتمبر 2002م تشكيل لجنة وساطة تضم رؤساء (غانا-نيجيريا-غينيا بيساو-توجو-مالي-النيجر) بهدف إقناع المتمردين بوقف الأعمال العدائية ووضع إطار عام للتسوية. ويلاحظ أن اللجنة هنا في حالة ساحل العاج مثلت كافة الثقافات في الإقليم وذات علاقات جيدة مع ساحل العاج مع استبعاد بوركينا فاسو لتجنب فشل الجهود.
فقد حرصت الجماعة على التنسيق مع الأمم المتحدة من أجل الحصول على المشروعية القانونية والدعم المالي واللوجستي، وطالبت بوضع القوات تحت مظلة الأمم المتحدة، إلا أن واشنطن رفضت الفكرة بسبب انشغالها بالإعداد لضرب العراق، لكن الأمم المتحدة أعطت الشرعية القانونية لعمل قوات الجماعة والقوات الفرنسية بإصدار قرار مجلس الامن رقم (1464) في فبراير 2003م، والذي يقضي بمنح التفويض باستخدام القوة أثناء العمليات. وإزاء ضعف قدرات قوات الجماعة، فضلاً عن الاتهامات الموجهة للقوات الفرنسية بشأن التحيز لصالح المتمردين، اضطرت الأمم المتحدة إلى الاستجابة لنداءات الجماعة بضرورة التدخل وقيادة العمليات بإصدار القرار رقم (1528) في 27 فبراير 2004م بتشكيل قوات دولية لحفظ السلم قوامها 6240 جندي، وتخضع قوات الجماعة والقوات الفرنسية لها ويتم النشر بداية من 4 ابريل 2004م.
في بوروندي، رغم الاتفاق على عملية لحفظ السلم إلا أن الأمم المتحدة فضلت عدم التدخل وأوكلت الاتحاد الأفريقي نظراً لعدم شمولية اتفاق وقف إطلاق النار. كما يظهر أيضاً ان دول الاتحاد الأفريقي لم يكن لديها الارادة السياسية للتدخل واقتصر الأمر على مشاركة ثلاث دول فقط على رأسها جنوب أفريقيا في عملية حفظ السلم في بوروندي، قبل أن تنتقل تحت مظلة الأمم المتحدة بعد استقرار الأوضاع. بالنسبة لمساهمة جنوب أفريقيا بأكبر عدد من القوات ورعاية العملية السياسية واتفاق اروشا بواسطة نيلسون مانديلا، فأكد البعض بأن الدور الجنوب أفريقي نابع من الإحساس بالذنب نظراً لتورطها في تجارة السلاح التي تسببت في مقتل مئات الآلاف في رواند وبوروندي منتصف التسعينيات، وهو نفس الوضع للولايات المتحدة التي ساندت العملية السياسية وعملية الاتحاد الأفريقي بسبب نفس الإحساس بإحجامها عن التدخل أثناء مذابح رواندا وبوروندي. وبوجه عام فإن تحويل عملية الاتحاد الأفريقي إلى الأمم المتحدة تمت بسبب إحجام المجتمع الدولي عن المساهمة في مصروفات العملية.
في دارفور، كان هنالك اختلاف بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حول أسلوب التسوية، خاصة فيما يخص اتفاق السلم الشامل، حيث كان الاتحاد الأفريقي يهدف إلى اتفاق شامل بناء على أن الأطراف قد قاموا بتوقيع اتفاقات سابقة، بينما الأمم المتحدة كانت تري عقد اتفاق محدود. ورغم توحد الجهود من أجل الوصول إلى تسوية بشكل أو بآخر، فإن وضع حد زمني من أجل إنهاء الاتفاق عرقل الوصول إلى شكل يرضي كافة الأطراف، كما أن الآراء في النهاية أجمعت على أن جميع الأطراف لم يكن لديهم الدوافع لتحقيق اتفاق طول 16 شهر من المفاوضات.
يذكر أن الدول المانحة خلال مراحل التسوية السياسية (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، والاتحاد الأوروبي) كثيراً ما كانت تهدد بسحب الدعم المالي في حالة فشل الأطراف في الوصول إلى تسوية أو اتفاق. وقد أقرت الدول الأربع إضافة إلى الأمم المتحدة بأن توقيع اتفاق سلم شامل سوف يمهد للانتقال لعملية قوية تحت قيادة الأمم المتحدة بدلا عن عملية الاتحاد الأفريقي المحدودة. ولكنه فشل جزئيا على المستوى السياسي، منذ التوقيع على اتفاق السلم الشامل بسبب رفض الحكومة السودانية لهذا الانتقال، إضافة إلى الدعاية من قبل الأطراف غير الموقعة.
كما أن مصالح الأطراف المختلفة ظهرت عند طرح عملية التحول من الاتحاد الأفريقي إلى عملية تحت قيادة الأمم المتحدة في دارفور، ففي مجلس الأمن الدولي اختلف الأعضاء الدائمين ما بين مؤيد سواء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بينما روسيا والصين أحجمت عن الموافقة أو الرفض لمصالحها المشتركة مع الحكومة السودانية، فيما وقف الاتحاد الأفريقي في صف تحويل العملية لعدة أسباب، الأول هو انتهاك الحكومة السودانية لحقوق الإنسان والخسائر البشرية الفادحة التي تعيد إلى الأذهان مذابح رواندا، الثاني، هو العراقيل المستمرة من الحكومة السودانية أمام مساعي الاتحاد الأفريقي لإقرار السلم في دارفور سواء على المستوي السياسي أو علي مستوي العمليات في الميدان، متجاهلة تبرير الحكومة السودانية حول تبرير عملية الاستعمار الجديد، ثالثاً، تعارض أحداث دارفور مع الميثاق الوليد للاتحاد الأفريقي وأحد أهم مبادئه عن سابقه منظمة الوحدة الأفريقية هو حق التدخل في الصراعات التي تنطوي على انتهاك حقوق الإنسان والمذابح البشرية. ولكن تبقي إشكالية موافقة أطراف الصراع على التدخل كأحد أهم مبادئ عمليات حفظ السلم، وتعارضها مع السيادة الوطنية، ومسؤولية الحماية كمفهوم حديث للتدخل في الصراعات التي تنطوي على انتهاك الحقوق البشرية وفشل الحكومة الوطنية في منعها.
 في نوفمبر 2006م، تم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لتحويل العملية إلى الأمم المتحدة. ونظراً للرفض الشديد من الحكومة السودانية لدخول قوات من الأمم المتحدة، لم يتم الاتفاق على تحويل العملية حتى 31 يوليو2007م من خلال عملية مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من خلال القرار 1769 (2007) الصادر من مجلس الأمن.
في مالي وأفريقيا الوسطي، تشابهت الحالتين في الدعم الدولي لتدخل المنظمات الإقليمية الأفريقية في بداية العمليات وبمساندة من القوات الفرنسية كمرحلة أولي، إلا أن الدول الكبري في مجلس الأمن الدولي في مرحلة أخري قررت توجيه الدعم لعملية تحت قيادة الأمم المتحدة دون تقديمه للعملية الإقليمية، مع استمرار الدعم الفرنسي للعملية الأممية على المستوي العسكري في حالة تدهور الأوضاع.
يتضح مما سبق أن ثمة اختلاف دائماً ما يحدث من جانب كافة أطراف المجتمع الدولي من عملية التدخل في الصراعات الأفريقية المسلحة التي تنطوي على خسائر بشرية. فبالنظر إلى حالات العمليات المشتركة المختلفة نجد أن دوائر الاختلاف تبدأ من دائرة دول الإقليم والذين هم أيضاً أعضاء في المنظمة الإقليمية، مرورا بدائرة المنظمة الإقليمية نفسها من حيث مبادئها وميثاقها، ثم المنظمة القارية. وبالانتقال لدوائر أخري نجد مصالح وأهداف القوي الإقليمية، ثم القوي الدولية الكبري، وأخيراً المنظمة الأممية المسئول الأول عن السلم والأمن الدولي. وهنا تظهر المعضلة حول كيفية تحقيق التوافق الإقليمي والدولي على عدة مستويات من أجل توحيد أهداف التدخل في سبيل إنقاذ البشرية من ويلات الحروب، والذي ثبت من الحالات السابقة تأثيره السلبي على سير العمليات وتحقيقها للنتائج المرجوة من عملية التدخل.
وفي سياق آخر لا يمكن على المستوي العملياتي إغفال التفاوت في القدرات والمعدات واللوجستيات بين القوات الأفريقية والأممية، خاصة في ظل تحول هذه القوات للعمل تحت مظلة الأمم المتحدة ووفق معاييرها بعد عملية التحول، وهوما يجب أن يتم التخطيط له مسبقا من خلال بناء القدرات الأفريقية والتوعية بمعايير الأمم المتحدة. كما يجب أيضا الاستفادة من الخبرة العملية للقوات السابقة، وتوفيرها للقوات اللاحقة بعد عملية التحول من خلال آلية تدريبية في سياق بناء القدرات. وأخيرا، تبقي أهمية الاستفادة من العمليات والدول المجاورة في توفير الدعم للعمليات الجديدة للأمم المتحدة، والاستفادة من القرب المكاني وسهولة نقل التجهيزات والمعدات وكذلك القوات إلى العمليات الجديدة.
المراجع والهوامش متاح بملف PDF