واقع التنظيمات الارهابية والتنافس الدولي بمنطقة الساحل والصحراء الافريقية
الكاتب:
الوضع الراهن بمنطقة الساحل الأفريقي
شهدت منطقة الساحل الافريقي ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والأمني وتنامي الصراع على الموارد الطبيعية، وتزايد دور التنظيمات المتخصصة في الجريمة المنظمة (الاتجار في السلاح وتجارة المخدرات والاتجار في البشر) وتصاعد أنشطة الحركات والتنظيمات الإرهابية والذي كان أحد العوامل الرئيسية لتأجيج الصراع والتسبب في خسائر بشرية واقتصادية فادحة، وانتشار للعنف من مالي إلى النيجر وبوركينافاسو. وللوقوف على واقع التنظيمات الإرهابية بالمنطقة، سيتم تناولها كما يلي:
1. حركة أنصار الدين:
تأسست عام 2012م، وصنفتها الخارجية الأمريكية جماعة إرهابية في 22 مارس 2013م، وتتخذ من مالي مقراً لها، منذ الانقلاب العسكري عام 2012م، وتعتبر الحركة نفسها الممثل الرسمي باسم أبناء منطقة شمال مالي، الذين يعانون التهميش والإقصاء على كل المستويات؛ نتيجة لسياسات النخب الحاكمة الخاطئة والتفريط في ثروات البلاد، لذا فإنها تتبنى سياسات للإصلاح عبر التنمية ومعالجة الأزمات الناجمة عن فشل الحكومات المتعاقبة، كما تتبنى تطبيق الشريعة الإسلامية في أماكن نفوذها. وقامت بتدمير المواقع ذات التراث العالمي المصنفة من اليونسكو، وأجبرت السكان على الدخول في الإسلام والالتزام بالشريعة في مناطق نفوذها. ويتزعم الحركة «إياد أغ غالى» الملقب بأسد الصحراء وهو منحدر من مدينة «كيدال» وينتمي لقبيلة «إيفور» وهو الزعيم السياسي والفكري للحركة.
خلال عام 2013م، بدأت فرنسا وحلفائها تنفيذ عدد من العمليات العسكرية في شمال مالي ضد حركة أنصار الدين والحركات الإرهابية، والتي أدت إلى إخراج الحركة من مناطق سيطرتها ولكن ظل زعيم الحركة حراً وظهر في عدد من الفيديوهات عام 2016م، ليهدد فرنسا وبعثة الأمم المتحدة (مينوسما)
في عام 2017م، انضم كل من فرع الصحراء لـ «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«جماعة أنصار الدين» وجماعة «المرابطون» و«جبهة تحرير ماسينا» وشكلت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين».
في عام 2012م، تلقت الجماعة دعما من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لتوسيع نطاق عملياتها ضد القوات الحكومية المالية ونجحت في الاستيلاء على عدد من المدن، وشاركت متمردي الطوارق في قتل 85 جنديا وخطف 30 فردا من الجيش المالي ( ) وقد قام الجيش الفرنسي بالتدخل في منطقة شمال مالي، عام 2013م، بذريعة ارتكاب الجماعة عمليات قتل وتعذيب للمواطنين الماليين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، وهو ما أضعف الجماعة. وتعد الفترة من 2015 إلى 2017م، من أعلى معدلات نشاط الجماعة، إذ نفذت عددا من الهجمات ضد قوات الأمم المتحدة، والقوات الفرنسية وعناصر الجيش المالي، ولم تعلن الجماعة مسئوليتها على أيه هجمات خلال عامي 2021 – 2022م ويعتمد تمويل الجماعة على الدعم الذي تتلقاه من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كما تستقبل الدعم من عدد من المانحين الأجانب وعائدات عمليات التهريب .
2. جماعة بوكوحرام:
تأسست عام 1995م، على يد أول أمير للجماعة وهو «محمد يوسف» ويطلق عليها جماعة أهل السنة والجهاد وتعرف باللغة «الهوسا» باسم بوكوحرام «التعليم الغربي حرام» وهي جماعة نيجيرية مسلحة، وتدعى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا. وترجح غالبية وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بدايات ظهورها إلى عام 2002م، وتعتبر أن كل ما هو غربي يعد منافياً للإسلام. وصنفتها وزارة الخارجية الامريكية جماعة إرهابية في 14نوفمبر 2013م، وهي مسئولة عن العديد من العمليات الإرهابية بالمناطق الشمالية الشرقية لنيجيريا. بالإضافة لمنطقة حوض بحيرة تشاد بالكاميرون وتشاد والنيجر وتسببت في قتل الالاف منذ عام 2009م.
وقد بايعت بوكوحرام تنظيم الدولة الإسلامية، عام 2015م، وبدأت تطلق على نفسها «داعش غرب أفريقيا» وتنشط الجماعة في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي يسهل اختراقها لاستهداف المدنيين والعسكريين في شمال شرق نيجيريا وشمال الكاميرون وأجزاء من تشاد والنيجر ونجحت الجماعة في تجنب ضغط القوات الحكومية وقوة المهام الإقليمية المشتركة متعددة الجنسيات.
وتتمركز في الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، وتعتمد في تمويلها إلى حد كبير على التمويل الذاتي من خلال الأنشطة الإجرامية مثل النهب والابتزاز والاختطاف مقابل فدية والسطو المسلح على البنوك.
3. تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي:
يعد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أبرز وأقدم تنظيم إرهابي بهذه المنطقة، وقد انبثقت عنه الجماعة السلفية للدعوة والقتال، والتي أعلنت انضمامها لتنظيم القاعدة، عام 2006م، وأعلن الجزائري «يحي أبو الهمام» في 27 يونيو 2007م، تأسيس تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» رسمياً، واتخذ منطقة الساحل الأفريقي مسرحا لعملياته؛ مستغلاً الفراغ الأمني والسياسي بالمنطقة وصعوبة سيطرة القوات الحكومية أو القيادات السياسية باعتبارها منطقة صحراوية ممتدة الأطراف.
وقد صنفت الخارجية الأمريكية «الجماعة السلفية للدعوة» والقتال منظمة إرهابية، في 27 مارس 2002م، وتم تعديل التصنيف، عام 2008م، بعد انضمام الجماعة رسمياً لتنظيم القاعدة، في 2006م، واتخاذها اسم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» اسما رسميا لها. وتطمح إلى قلب أنظمة الحكم الأفريقية وإقامة دولة إسلامية. وبعد مقتل زعيمها «عبد المالك دروكدال» في 2020م، على يد القوات الفرنسية، اختارت الجماعة «أبو عبيدة يوسف العنابي» خلفاً له.
من أبرز أنشطتها الإرهابية، تفجير مقر الأمم المتحدة، عام 2007 م، بالجزائر وقتل 60 شخصا. وتمكنت القوات الحكومية والدولية من احتواء القيادة الشمالية لعناصر تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بمنطقة شمال شرق الجزائر، وركزت كتائبه الجنوبية على أعمال الاختطاف مقابل فدية.
4. جماعة نصرة الإسلام والمسلمين:
هي حركة جهادية سلفية تابعة لتنظيم القاعدة وتنشط في منطقة الساحل الأفريقي وتستهدف القوات الدولية والحكومية، وتأسست في مارس 2017م، وذلك باندماج أربع حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل هي: «أنصار الدين» و«كتائب ماسينا» و«كتيبة المرابطون» و«إمارة منطقة الصحراء الكبرى» التي تمتلك خبرات عالية في تنفيذ عمليات قتالية إرهابية بالمنطقة. وتم اختيار أمير جماعة أنصار الدين المالية «إياد أغ غالى» أميرا للجماعة الجديدة، والذي أعلن فور تشكيلها مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة «أيمن الظواهري» وأمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي «أبو مصعب عبد الودود» وأمير حركة طالبان الأفغانية «الملا هيبة الله» وقدرت المخابرات الفرنسية، في ديسمبر 2017م، عدد أفراد هذه الجماعة بحوالي 500 فرد، بينما قدرته الاستخبارات الامريكية، في 2022م، ما بين 1000 و2000 مقاتل. وجدير بالذكر أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تأسست بعد أقل من شهر من قرار دول الساحل الخمس (مالي وتشاد والنيجر وتشاد وموريتانيا وبوركينا فاسو) تأسيس قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب بالمنطقة تحت مسمى ««G5 Sahel.
يهدف هذا التنظيم الى تعزيز نفوذه بمنطقة الساحل والصحراء من خلال تنفيذ عمليات نوعية ضد القوى المعنية بالحرب ضد الإرهاب وفي مقدمتها القوات الفرنسية والدولية والتي بدأت عملياتها اعتبارا من أوائل 2013م، ضد العناصر الإرهابية في شمال مالي، ويمثل تأسيس الجماعة رسالة من تنظيم القاعدة إلى منافسه التقليدي تنظيم الدولة الإسلامية مفادها أنه مازال موجوداً في ساحة القتال، وتم تصنيفها على أنها منظمة إرهابية في 6 سبتمبر 2018م، وفي عام 2021م، أعلنت الجماعة مسئوليتها عن العديد من الهجمات على القوات الحكومية والقوات الدولية التابعة للأمم المتحدة.



