أثر الفاعلين من غير الدول على الاستقرار الإقليمي
بواسطة :
وتتمتع هذه الدراسة بأهمية في مجال البحث العلمي للعلوم السياسية، والتي تتجلى في مستويين:
الأهمية العلمية: فقد حظيت دراسة الفاعلين من غير الدول باهتمام ملحوظ في الأوساط العلمية، إلا أن هذا الاهتمام لم يكن كافيا لإثراء المكتبة العربية، على الرغم من تأثير هذه الظاهرة على كامل دول الإقليم. وبالتالي فإن هذه الدراسة تسعى إلى المساهمة في تعميق الفهم في هذا الشأن، على نحو يمكن البناء عليه والإضافة إليه.
الأهمية العملية: إذ يمثل الفاعلون المسلحون من غير الدول ظاهرة ذات تأثير متعاظم في إقليم الشرق الأوسط والمنطقة العربية وهو ما يضفي على هذه الدراسة مزيدا من الأهمية. كما تمنح الفترة الزمنية التي تركز عليها الدراسة أهمية إضافية؛ نظرا لتصاعد تأثير هذه الظاهرة، بعد السابع من أكتوبر 2023.
وتتجلى إشكالية الدراسة في أن تعاظم ظاهرة الفاعلين المسلحين من غير الدول بالشرق الأوسط تسبب في ظهور منظورين متعارضين. يتمحور المنظور الأول حول الادعاء بأن هذه الظاهرة تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار بالإقليم. ويتكئ هذا الادعاء على العديد من المسوغات المنطقية التي يسوقها لتدعيم وجهة نظره. يرى أصحاب هذا المنظور أن مثل هذه الظاهرة تخل بأحد المبادئ الأساسية، التي بُني عليها استقرار النظام الدولي وهو: احتكار الدول لامتلاك السلاح والقوة. وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى فوضى إقليمية قد لا يمكن التحكم فيها.
بينما يرى الفريق الآخر أن مثل هذه الظاهرة قد تؤدي إلى تخفيف حدة عدم الاستقرار بالإقليم، إذ يرى أن مثل هذه التنظيمات تمكن الدول من تفادي الصدام المباشر فيما بينها، عبر آليات غير مباشرة للصراع. كما يزعم هذا الفريق أن الفاعلين المسلحين من غير الدول يمثلون أداة فعالة في مواجهة القوى المنفلتة إقليميا بلا أي رادع، معللين ذلك بعدم إمكانية مواجهتها بشكل مباشر، بسبب عدم التكافؤ في موازين القوى العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية.
من هذا المنطلق؛ تسعى هذه الدراسة إلى التحقق من مدى صحة أي من الادعائيين من عدمه، عبر تتبع الخطوات العلمية اللازمة للوصول إلى رؤية سليمة فيما يتعلق بالهدف الرئيسي لها، الذي يتمثل في استكشاف مدى العلاقة بين ظاهرة الفاعلين المسلحين من غير الدول والاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط. وهو ما يفرض تساؤل هذه الدراسة الرئيسي، ومحاولة الإجابة عنه. ومفاده: كيف أثر الفاعلون المسلحون من غير الدول على الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023م؟ والذي يتفرع منه عدد من التساؤلات الأخرى التي تتوزع على أربعة محاور، هي:
ما أهم الفاعلين المسلحين من غير الدول المنخرطين في الصراع، الذي اندلع بعد السابع من أكتوبر 2023؟
ما العوامل التي تساعد الفاعلين المسلحين من غير الدول على تحقيق الأهداف الخاصة بهم؟
ما أهداف وسياسات الفاعلين المسلحين من غير الدول؟
ما مستقبل ظاهرة الفاعلين المسلحين من غير الدول في إقليم الشرق الأوسط؟