طوفان التهجير
بواسطة :
تصريحات ترامب:
ثم جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أدلى بها في أحد لقاءاته الصحفية في 26 يناير 2025م، بشأن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، لتؤكد أنه كان الهدف الأساسي وغير المعلن من حرب الإبادة، التي تعرض لها سكان غزة طوال خمسة عشر شهرا، وأن أي اهداف أخرى لهذه الحرب كانت بمثابة حصان طروادة لتحقيق هذا الهدف. وقد أعطت هذه التصريحات، التي سبقت زيارة نتنياهو إلى واشنطن كأول رئيس وزراء يحظى بلقاء ترامب بعد دخوله البيت الأبيض، اليمين الإسرائيلي دفعة للمضي في التمهيد لضم أراضي الضفة الغربية. وهذا ما نوه له ترامب في تصريحه بأنه سوف يصدر تفاصيل الموقف من ضم هذه الأراضي خلال الأسابيع القادمة.
ومن ناحية أخرى، أحدثت تصريحات أخرى، أدلى بها ترامب، عقب لقاءه مع نتنياهو، معلنا عن تهجير أهالي قطاع غزة، وتحويل شواطئه إلى مناطق استثمار عقاري. أصداء عربية ودولية رافضة، دفعته إلى التراجع عن هذه التصريحات؛ بتصريحات أقل وطأة. ولكنها حققت أيضا بعض المكاسب لنتنياهو، من حيث أنها ضمنت له بقاء حكومته، بقدر ضمان مساندة إدارة ترامب لاي خطوات يمكن أن تتخذها لاحقا بشأن غزة؛ إما بحجة القضاء على حماس، أو لأنها لا تزال تسيطر على غزة، تمهيدا إلى إنهاء فكرة قيام دولة فلسطينية نفسها، حتى ولو كانت جزءا من اتفاقية تطبيع مع السعودية. ناهيك عن أن هذه التصريحات شكلت له الدعاية الأهم لخوض الانتخابات القادمة، خلال عام.
أضف إلى ذلك، أن ترامب معروف بأنه يعتاد ممارسة الضغوط القصوى ضد أعدائه؛ لإجبارهم على الإذعان لرغباته، وهذا ما دفع أقرب حلفاءه في كندا والمكسيك إلى التفاوض وتحقيق أهدافه. ولهذا فسر البعض تصريحاته عن التهجير، بأنها تشابه ما قيلت خلال المرحلة الأولى من اتفاقات التطبيع الابراهيمية. وأن تصريحات نتنياهو، التي نوه فيها عن رغبته بضم الضفة الغربية، جعلت هذا التطبيع بمثابة مقايضة لتأجيل الضم، وهو ما تم الإعلان عنه وقتها. ولعل هذا ما جعل البعض يتصور أن منع التهجير، هذه المرة، هو بمثابة مقايضة أخرى مع المملكة العربية السعودية. وهو الأمر الذي نفته الرياض بشكل قاطع غير قابل للتأويل، مؤكدة أنه لا تطبيع مع إسرائيل دون أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
مجابهة التهجير:
من المؤكد أن مشاهد عودة النازحين إلى مناطق سكناهم بشمال غزة، بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، شكلت رافعة ضد أي أفكار طُرحت للتهجير. إلا أن الضغوط الإعلامية التي يُمارسها ترامب ضد مصر والأردن، يضع كل الاحتمالات على الطاولة، ويجعل من التهجير خطرا حقيقيا لا يزال مثالا، لا يمكن مواجهته بالتصريحات الإعلامية، أو البيانات. بقدر ما يحتاج إلى خلق واقع جديد، يمنح الفلسطينيين في غزة والضفة الأمل، ويسهم في إحباط مخططات تهجيرهم. خاصة أن الحكومة الإسرائيلية وأجهزة الأمن شكلت لجانًا لإعداد مخطط تنفيذي لدفع الفلسطينيين للهجرة الطوعية. وأن هذا الواقع المرجو، يمكن أن يقوم على ما يلي:
-
حشد مواقف الدول الرافضة للتهجير، لمجابهته والتصدي له بكل السبل المتاحة؛ بوصفه جريمة حرب ضد شعب محتل.
-
انسحاب حركة حماس من الدائرة الحكومية؛ حتى لا تكون ذريعة لإسرائيل والإدارة الامريكية لتعطيل عملية الإعمار.
-
تمكين السلطة الفلسطينية من ممارسة سلطتها في قطاع غزة بالشكل الذي يضمن وحدة وارتباط غزة والضفة الغربية.
-
التوسع في عملية الإغاثة الطارئة، وإزالة الأنقاض، وبناء المخيمات، والترتيب لبدء عملية إعمار شاملة لقطاع غزة وشمال الضفة الغربية.
-
الدعوة لعقد مؤتمر دولي لحشد المانحين؛ لتوفير للتمويل اللازم لعملية الإعمار الشاملة.
-
تنظيم حملة إعلامية واسعة الانتشار ضد التهجير بلغات متعددة.
-
دراسة الجوانب والإجراءات القانونية لمواجهة مثل هذه المخططات، عبر المحاكم الدولية.