الرئيسية » الدراسات » إيران بالعبري 3

إيران بالعبري 3

بواسطة :

 

أولا: المفاوضات النووية

رصد تقرير الحالة (27 أبريل – 11 مايو 2025م) الصادر عن ‹معهد القدس للاستراتيجية والامن› بعنوان ‹إيران في ضوء المفاوضات النووية› الجولة الرابعة من المفاوضات التي جرت بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان، بالتزامن مع تفاقم التحديات الداخلية بإيران على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والضغوطً الخارجية عليها سواء أثناء المفاوضات النووية ذاتها، أو التوترات الإقليمية. وأن قدرتها على إدارة هذه الأزمات المتزامنة سوف تحدد مسارها في المستقبل ومدى تأثيرها الإقليمي. ويمكن إيجاز أهم ما جاء في هذا التقرير في النقاط الرئيسية التالية:

  • أجواء متوترة: أظهر التقرير أنه على الرغم من أن الطرفين أعربا عن تفاؤلهما بشأن مسار التفاوض إلا أنهما تمسكا بموقفيهما الصارم تجاه مسألة تخصيب اليورانيوم. إذ أكدت إيران حقها في معدلات تخصيب لأغراض سلمية؛ بينما حذر وزير الدفاع الأمريكي من الدعم الإيراني للحوثيين. بينما اتهم المرشد الأعلى للثورة كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا بالتورط في حرب ‹سيوف الحديد› الأمر الذي فرضا أجواء من التوتر بين إيران والولايات المتحدة والدول الأوربية، التي لوحت هي الأخرى بإعادة فرض العقوبات
  • استعداد عسكري: أكد التقرير على أن إيران تواصل محافظتها على الاستعداد العالي لقواتها البحرية والجوية وفي هذا الإطار، كشفت عن صواريخ محلية جديدة، وقواعد للطائرات المسيرة، وزيارة قيادات عسكرية للخليج العربي. على نحو يعكس استراتيجية الردع الإيرانية ورغبتها في إظهار قوتها على الرغم من الضغوط الدولية.
  • أزمات داخلية: أشار التقرير إلى أن الأزمة الاقتصادية ربما تؤثر على موقف إيران التفاوضي، واستقرار وضعها الداخلي، خاصة مع ارتفاع الأسعار واستمرار النقص الحاد في المياه والكهرباء، وارتباك السياسات المصرفية. وأن استمرا هذا الوضع سوف يزيد من الاستياء الشعبي تجاه النظام ويشكل ضغطاً عليه. خاصة في ظل الجدل أو الانقسام حول قوانين الحجاب والانتقادات الموجهة للدولة، والذي زادت وتيرته، بسبب رسائل نصية مجهولة المصدر حول فرض قوانين الحجاب. إضافة إلى عمليات الإعدام والمعاقبة للسجناء، وعمليات الحرس الثوري في سيستان وبلوشستان

ثانيا: النظام الإقليمي

فقد تناولت مراكز الدراسات الإسرائيلية ملامح النظام الإقليمي من ثلاث زوايا، الأول ضرورة اجتثاث نفوذ إيران الإقليمي من جذوره، وعدم الاكتفاء بضرب وكلائها، وبتطور العلاقات الإيرانية السعودية، والتحالفات الإقليمية، التي تمت في ضوء زيارة الرئيس دونالد ترامب لثلاث دول خليجية

  • اليمن: فقد كتب ‹يعقوب كاتز› الكاتب بمعهد سياسات الشعب اليهودي، مقالا بعنوان ‹الغرب يهاجم اليمن فهل سيتعامل بقسوة مع طهران يومًا ما؟ › قدم فيه تحليلا نقديا لتعامل الغرب مع جماعة أنصار الله الحوثي باليمن، آخر مرتكز باق في محور المقاومة المدعوم من إيران، والتي تواصل استهداف الملاحة في البحر الأحمر. ليؤكد أن تحقيق الاستقرار الإقليمي يتطلب استراتيجية شاملة لا تقتصر على ضرب وكلاء إيران فحسب، بل اقتلاع التحدي الإيراني من جذوره بشكل مباشر وفعال. خاصة أنها تواصل تطوير برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم لمستويات تقترب من تصنيع السلاح النووي

ومن ثم طرح الكاتب تساؤلا بشأن مدى استعداد الغرب لاتخاذ موقف أكثر صرامة ومباشرة تجاه إيران نفسها، بوصفها الداعم الرئيسي لجماعة أنصار الله باليمن، ثم بشأن تعقيدات السياسة الغربية في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع تهديدا إيران ووكلائها الإقليميين. والتي يمكن إيجازها في النقاط التالية:

  • استراتيجية غير مجدية: يثير التركيز على ضرب ‹الوكلاء› بدلاً من مجابهة إيران الراعي الرئيسي، فشكك في جدوى ضرب هؤلاء الوكلاء؛ على اعتبار أنها غير مجدية في معالجة جذور المشكلة، وهي دعم إيران المستمر لهم ضمن طموحاتها الإقليمية.
  • مخاطر التصعيد: أن شن هجمات على أنصار الله باليمن، أو أي طرف إقليمي تابع لإيران، يحمل في طياته خطر التصعيد المباشر معها. خاصة إذا رأت أن هذه الهجمات تمثل تهديداً مباشراً لمصالحها. وبالتالي فإن مسألة التوازن بين ردع وكلاء إيران وتجنب صراع أوسع معها، يمثل تحديا مستمرا لإسرائيل.
  • مصالح متناقضة: أن ثمة تضارب في المصالح والأولويات لدى كل الأطراف؛ فالغرب يركز مثلا على حرية الملاحة وسلامة الممرات البحرية، بينما تسعى إيران إلى بسط نفوذها وتقويض ما تعتبره هيمنة غربية وإسرائيلية في المنطقة. الأمر الذي يجعل التوصل إلى حلول مستدامة أمراً صعب المنال.
  • البرنامج النووي: يؤكد الكاتب على أنه لا يمكن فصل الصراع في اليمن، أو غيره من الصراعات الإقليمية عن القضية الأساسية وهي البرنامج النووي الإيراني. فامتلاك إيران قدرات نووية يمكن أن يغير بشكل جذري ميزان القوى الإقليمي، ويزيد من تعقيد أي مواجهة معها في المستقبل. وهنا يطرح سؤالا قلقا وربما معبرا عن محاولة استنهاض القوى الغربية ضد إيران، بقوله هل سيصبح الغرب صارماً مع طهران في سياق تقدم برنامجها النووي؟ ولكنه يشير موضع آخر إلى أن الأولوية حتى الآن قد تكون للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، بدلاً من المواجهة المباشرة معها. ليعكس توازناً دقيقاً بين الدعوة استخدام القوة لردع وكلائها والحفاظ على قنوات الحوار معها؛ لضمان عدم تصاعد التوترات إلى صراع أوسع.
  • السعودية: عالج معهد ‹القدس للاستراتيجية والأمن› (INSS) موضوع التقارب السعودي الإيراني، في مقال بعنوان ‹العلاقات السعودية الإيرانية› ليشير إلى الأهمية الاستراتيجية لانفراج العلاقة بين البلدين، وقدرتهما على مواجهة التوتر التاريخي الواضح والجيوسياسي المعقد بينهما، عبر الدبلوماسية. وأن لهذا التقارب الحذر مردود إيجابي محتمل بقدر ما له تحدياته الكامنة. ومن بين هذه المردودات الإيجابية، زيارة وزير الدفاع السعودي ‹خالد بن سلمان› إلى طهران، في أبريل 2025م، والتقائه بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وهو أول لقاء على هذا المستوى بين البلدين، منذ عام 2006م، والتي جاءت بالتزامن مع المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، وانتشار تقارير عن ضربات إسرائيلية أو أمريكية محتملة على المنشآت النووية الإيرانية.

وقد انطوى هذا الانفراج على التأكيد على التزام السعودية باتفاق المصالحة الذي أعاد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، عام 2023م، بما يعني ابتعاد السعودية عن الاستراتيجيات العدوانية التي ميزت بدايات سلطة الأمير محمد بن سلمان، وإعطاء الأولوية للاستقرار الإقليمي، وتفضيل العمل الدبلوماسي في سياستها الخارجية، والعمل على تقديم نفسها كلاعب إقليمي، وعلى الرغم من التفوق العسكري الإيراني الواضح عليها. كما تهدف إلى النأي بنفسها عن إي مواجهة محتملة بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. وتسعى إلى حل دبلوماسي لقضية البرنامج إيران النووي، بل وتعرض الوساطة بينها وبين الولايات المتحدة.

وأشار المقال إلى أن التقارب بين البلدين قد يواجه باختبارات عدة، منها توقيع السعودية اتفاقيات أمنية محتملة مع الولايات المتحدة، وطبيعة الصراع المستمر في اليمن، والهجوم المحتمل على منشآت إيران النووية، وتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية. خاصة أن السعودية لا ترى تناقضا في الحفاظ على علاقاتها مع كل من إيران وإسرائيل. كما أشار أيضا إلى أن هذا التقارب قد يحد من قدرة إيران على التصرف بعدوانية، ويمكن أن تتعمق العلاقات الاقتصادية بينهما في المستقبل، إذا تم تخفيف العقوبات، وقد يشمل ذلك ضخ استثمارات سعودية في الاقتصاد الإيراني، وإقامة منطقة تجارة حرة أيضا.

وهكذا يخلص المقال إلى أن التقارب بين إيران والسعودية يُعد دليلاً على تغيير استراتيجي في السياسة الخارجية للسعودية، وأنه يوفر للبلدين فوائد متبادلة، على الرغم الشكوك المتبادلة بينهما، وأن إسرائيل قد ترى في هذا التقارب تقويضاً لجهود الضغط على إيران. وأن هذه العلاقات لا تزال على المحك؛ إذ لا تزال رهن بتحديات عدة، تعكس هشاشة هذا التقارب وأنها ليست ضمانة للاستقرار الدائم

  • جولة ترامب الخليجية: قدم مقال بعنوان ‹نظام إقليمي متغير والتحدي الذي تواجهه إسرائيل› تحليلاً مثيراً للاهتمام لجولة الرئيس دونالد ترامب بمنطقة الخليج؛ وأنه سوف تكون لها تداعيات مهمة على الاستقرار الإقليمي وديناميكيات التحالفات. وأن الرئيس ترامب معني بإرساء الاستقرار؛ وتعظيم المصالح الاقتصادية الأمريكية بمنطقة الخليج. وفي هذا الصدد فأنه يعتزم إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، وربما تقليل الاعتماد نسبيا على إسرائيل. وأنه نجح في عقد صفقات اقتصادية مع الدول الثلاث، لا سيما في المجالات التكنولوجية والدفاعية، ناهزت قيمتها 2 تريليون دولار.

وأن قادة الخليج حثوا ترامب، خلال هذا الجولة، على رفع العقوبات عن سوريا، والتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، والضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة. بينما طلبت السعودية إرجاء مناقشة مسألة التطبيع مع إسرائيل. وشدد المقال على أن إسرائيل بحاجة إلى الاستفادة من هذه العلاقات المتنامية بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية؛ لتعزيز مصالحها الخاصة هي الأخرى. ويمكن إيجاز النقاط الرئيسية الواردة بالمقال إجمالا على النحو التالي:

  • المقاربة الاقتصادية أولاً: يُظهر تركيز ترامب على الصفقات الاقتصادية الضخمة (2 تريليون دولار) وربطه حل النزاعات بتحقيق الأهداف والمصالح الاقتصادية نهجاً براجماتيا؛ يعطي الأولوية القصوى للمكاسب المادية. على الرغم من أن هذه المصالح، لا تزال رهن بنقاط احتكاك محتملة، يمكن أن تسبب توتراً بين واشنطن ودول الخليج.
  • إعادة تشكيل التحالفات: تشير إلى تحول محتمل في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. هذا لا يعني بالضرورة تراجع الدعم لإسرائيل، بل قد يشير إلى رغبة في توزيع المسؤوليات، أو توسيع قاعدة الشركاء.
  • تلبية المطالب الخليجية: استجابة ترامب لطلبات دول الخليج، تعكس جديته في بناء علاقات قوية معها وتلبية أولوياتها، خاصة فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي وتحييد التهديدات وتقليص التحديات.
  • تداعيات حرب غزة: يبرز طلب دول الخليج من ترامب الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة، من جهة. وطلب السعودية تأجيل التطبيع من جهة أخرى، مدى حساسية قضية غزة وتداعياتها على التفاعلات الإقليمية. كما توضح أن التقارب مع إسرائيل سوف تظل حساسة للرأي العام العربي وللقضايا الفلسطينية.
  • نصيب إسرائيل: أن الحاجة أصبحت ملحة أمام إسرائيل للتكيف مع المتغيرات والتعامل مع التحديات التي قد تنشأ عن الأولويات المتغيرة لواشنطن وشركائها الإقليميين، فقد تجد لنفسها فرصاً جديدة للتعاون الأمني، أو الاقتصادي