تأثير عودة ترامب على العلاقات الأمريكية الإيرانية
بواسطة :
وتعكس هذه الاستراتيجية في الأساس مدى حرص الإدارة الجديدة على تحقيق المصلحة الأمريكية الأوسع في الحفاظ على الهيمنة والنفوذ وتأمين المصالح الحيوية. وبالتالي فإن استمرار تبني هذه الاستراتيجية، بغض النظر عن كون الرئيس ديموقراطياً أو جهورياً، يعد تنفيذا لإرادة الدولة العميقة بشأن تأمين الوصول إلى موارد الطاقة، وضمان بقاء الحلفاء الإقليميين الرئيسيين، ومنع أي تحولات كبرى في توازن القوى من شأنها تقويض المصالح الأميركية.
وفي هذا الإطار، من المحتمل أن تستهدف العقوبات اقتصاد إيران، وخاصة صادراتها النفطية وشل نظامها المالي، والحد من قدراتها الصاروخية، استنادا إلى ترامب يرى أن اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 كان غير كاف لمعالجة برامج إيران الصاروخية وأنشطتها الإقليمية. ولهذا فرض عقوبات على برامج تطوير الصواريخ الإيرانية، واستهدف الكيانات المشاركة في إنتاجها. ويبدو أنه أعطى الضوء الأخر لإسرائيل لاغتيال محسن فخري زاده، مؤسس البرنامج النووي الإيراني.
ومن المحتمل، بعد أن سحقت إسرائيل شبكة الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران بالشرق الأوسط أن يعزز ترامب مبيعات الأسلحة إلى حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين وتقديم الدعم العسكري المباشر لجماعات المعارضة في سوريا والعراق واليمن، للقضاء على أي موطئ قدم لإيران في هذه الدول. ناهيك عن تعزيز الترتيبات الأمنية مع دول الخليج لاحتواء نفوذ إيران السياسي.
خاصة أن الظروف باتت مهيأة لترامب للقضاء على ما تبقى لإيران من نفوذ في اليمن، بعد سحق قوة حزب الله في لبنان، وانهيار نظام الأسد في سوريا وانسحاب القوات الإيرانية منها، مما قوض التمركز الاستراتيجي لإيران في المنطقة.
وفي المقابل، قد تلجأ إيران إلى محاولة الوصول إلى صفقة مع ترامب لتحافظ على ما تبقى لها من نفوذ وقوة، وتقليل العقوبات أو رفعها مع تقديم تنازلات محتملة.
وفي الحادي عشر من نوفمبر، قام رجل الأعمال الشهير والرئيس المشترك لإدارة خفض التكاليف الجديد في إدارة دونالد ترامب، إيلون ماسك، بزيارة سفير إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك لبحث آفاق التعاون بين البلدين ومحاولة خفض التوترات القائمة، وقد صرح السفير الإيراني أن اللقاء كان إيجابيا ومبشرًا، وربما تفتح هذه الزيارة آفاقًا أخرى لمستقبل العلاقات بين الدولتين، إلا أن استمرار الأزمات في الشرق الأوسط يضعف من هذه الاحتمالات.
ومما سبق، يمكن أن نشير إلى بعض التقديرات بشأن العلاقات الأميركية الإيرانية في عهد ولاية ترامب الثانية:
- من المرجح أن يتضمن مسار العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران جانبا من المفاوضات الدبلوماسية لتقليل حدة النزاع، وهو ما أصبحت تفضله إيران، خاصة بعد الضربات التي تلقاها محور المقاومة في المنطقة مؤخرًا.
- ومع ذلك تظل التكهنات بشأن فرض عقوبات مشددة على إيران قائمة.
- وقد تواصل إيران مواصلة طموحاتها النووية، فضلاً عن برامجها الصاروخية، على الرغم من أنها ستفعل ذلك بصعوبة متزايدة بسبب الضغوط الاقتصادية والعسكرية المفروضة عليها.
- من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة في العمل مع حلفائها الإقليميين للحد من نفوذ إيران في المناطق الحرجة مثل مضيق هرمز والعراق وسوريا ولبنان. وربما ترد إيران من خلال الهجمات الإلكترونية، وغيرها من الوسائل.
- يمكن أن تستمر ديناميكيات القوة في المنطقة في تشكيلها من خلال اعتبارات عالمية أوسع، بما في ذلك نفوذ الصين وروسيا المتزايد، مما قد يعقد الجهود الأمريكية لعزل إيران تمامًا.