الرئيسية » الدراسات » ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا الأقتصادي

ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا الأقتصادي

بواسطة :

أولا: المكونات
يتكون الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، من ثلاث مسارات متوازية:
 مسار النقل المتعدد الوسائط، يشمل الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية والموانئ البحرية. ويتكون من ممرين مترابطين، ممر شرقي يربط الهند بمنطقة الخليج العربي، وممر شمالي يربط الخليج العربي بأوروبا.
 قناة اتصال للاقتصاد الرقمي، عبر كابلات الاتصال الرقمية على طول الطريق وبناء نظام إنترنت رقمي آمن ومستقر.
 مسار تجارة الطاقة النظيفة، عبر كابلات توصيل الطاقة على طول الممر، وأنابيب الهيدروجين للطاقة المتجددة ودمج شبكة الطاقة المحلية بدول الممر

ثانيا: الأهداف الاستراتيجية:
 تحفيز النمو الاقتصادي وتعميق علاقات التعاون الاقتصادي والسياسي بين آسيا ومنطقة الخليج العربي وأوروبا.
 ضمان تدفق الخدمات التجارة بين الهند والإمارات العربية المتحدة والسعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا.
 الربط بين موانئ «موندرا» و«كانديلا» و«جواهر لال نهرو» في الهند، وموانئ «الفجيرة» و«جبل على» و«أبو ظبي» في الإمارات، ومينائي «الدمام» و«رأس الخيل» في السعودية. إضافة إلى ميناء «حيفا» في إسرائيل وميناء «بيرايوس» في اليونان.
 توسيع طرق تجارة الطاقة النظيفة، وتعزيز التعاون بين الهياكل الأساسية للطاقة والطاقة المتجددة بالدول المشاركة بالممر
 توفير إطار عالمي لتوليد الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية، وفقا لمبادرة الهند «شمس واحدة، عالم واحد، شبكة واحدة»
 ربط شبكات الطاقة الإقليمية المختلفة بشبكات نقل الطاقة العامة للمر، مثل ربط الطاقة بين الهند والإمارات والسعودية
 تعزيز التعاون الرقمي بين الدول المشاركة بالممر، بواسطة بناء نظام الإنترنت الرقمي، والربط بين شبكة الدفع الهندية (Ru Pay) وواجهة الدفع الموحدة (UPI) والتكامل مع نظام الدفع بالتحويل بين البنوك في سنغافورة (Pay Now) وبالتالي ربط أوروبا وآسيا، مثل ربط إيطاليا واليونان وإسرائيل (كجزء من الكابل الأزرق) وربط الأردن والسعودية وعمان والهند (كجزء من كابل رامان)
1) الأهداف الأمريكية:
 الحفاظ على نفوذها بالعالم، عبر دبلوماسية التحالفات وبناء المجموعات الصغيرة المغلقة، التي تمتد من فيتنام إلى أوربا مرورا بالشرق الأوسط وأوروبا. ويعد هذا الممر أول مشروع تعاون مقترح، منذ إنشاء الآلية الرباعية بالشرق الأوسط (I2U2) في يوليو 2022م، (الولايات المتحدة والهند وإسرائيل والإمارات)
 تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتعلقة باحتواء الصين وروسيا، والسيطرة على الشرق الأوسط، وتعزيز مكانة حلفائها
 السيطرة على «الأطراف» الساحلية المحيطة بـ «أوراسيا» الأكثر أهمية من آسيا الوسطى «القلب» استنادا إلى أن من يسيطر على الأطراف، يحكم أوراسيا، ومن يحكمها يسيطر على العالم. وذلك ضمن مساعيها لتطويق روسيا، والمنافسة الاستراتيجية الشاملة مع الصين، وقطع اتصالها بأفريقيا.
 تقسيم «أوراسيا» لجزئين، الأول يضم الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والآخر يضم روسيا وإيران وآسيا الوسطى والصين.
 تحقيق استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ، التي تأتي الهند في طليعتها، إلى جانب حلفائها بالشرق الأوسط وأوروبا.
 الربط الاستراتيجي عبر هذا الممر بيت المحيطين الهندي والهادئ، بواسطة خطين، يبدأ أولهما من واشنطن، ويمر عبر بروكسل واسطنبول وتل أبيب والرياض وأبو ظبي ونيودلهي وسنغافورة إلى كانبيرا. ويبدأ الآخر من دييجو جارسيا، ويمر عبر سنغافورة ومانيلا وتايبيه وأوكيناوا وطوكيو وجزر الوشيان وألاسكا وأوتاوا، ليصل في نهاية المطاف إلى واشنطن.
 إعادة تشكيل سلاسل الإمداد العالمية، مدفوعة بالعوامل التقنية والسياسة والاقتصادية، وفق القيم الأميركية والأوربية.
 إعادة تشكيل سلاسل الإمداد الإقليمية، على نحو يجعل الولايات المتحدة تفرض هيمنتها على هذه السلاسل، عبر مراحل «التسييس» و«تأمين» و«تسليح» التي من شأنها تعزيز مكانتها القيادية في الاقتصاد العالمي مقارنة بالصين.
 تكثيف الضغط الاستراتيجي والجيوسياسي والاقتصادي على مبادرة الحزام والطريق والسيطرة على الشبكات الرقمية والاقتصاد الأخضر، وانفراد الولايات المتحدة بوضع معايير البنية التحتية الخضراء للشرق الأوسط، وصياغة القواعد الدولية المنظمة لها.
 تغيير قواعد اللعبة مع الصين عبر زيادة الاستثمارات في بناء البنية التحتية العالمية كوسيلة مهمة للمنافسة الاستراتيجية معها.
 هيمنة الولايات المتحدة على القطاعات الرقمية والطاقة والبنية التحتية بمنطقة الشرق الأوسط، مع تشجيع الهند وأوروبا على أداء دور أكبر في شؤون الشرق الأوسط؛ لاحتواء نفوذ روسيا ودور الصين في المنطقة. ولهذا اُستبعدت تركيا ومصر وإيران.
 زيادة عزلة إيران عبر تعزيز علاقات التعاون بين الهند ودول الخليج العربي وإسرائيل، وعرقلة تعاونها الاقتصادي مع الهند، خاصة الاستثمارات الهندية بميناء «تشابهار» وعرقلة جهودها إيران الهند بأوروبا عبر مشروع الممر الشمال الجنوب
2) المصالح الأوروبية:
 يساعد في إعادة تشكيل البنية الجغرافية الاقتصادية على نحو يحقق المصالح الأوربية، خاصة في ظل ضعف النمو الاقتصادي، وارتفاع أعباء الديون، وتحديات الإصلاحات الهيكلية، وتباين المواقف إزاء التعامل مع الصراعات الجيوسياسية الخارجية.
 يسهم في تنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول النامية لإعادة تشكيل نفوذها الجيوسياسي والاقتصادي. خاصة بعد أن أدى اندلاع الأزمة الأوكرانية، في فبراير 2022م، وفرض عقوبات أمريكية وأوروبية على روسيا، وتفجير خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة، ومن ثم عدم استقرار الاقتصاد الأوروبي.
 يوفر ممرا مستقرا لإمدادات الطاقة، وبالتعاون مع شرق البحر الأبيض المتوسط ودول الخليج والهند، كما يساعد على تأكيد المصالح الأوربية في غرب وجنوب آسيا بشكل أكثر فعالية.
3) المصالح الهندية
 تحقيق لها النمو الاقتصادي والمكانة الدولية، وتحويلها إلى جسر بين اقتصادات الدول النامية والدول الغربية المتقدمة
 يؤكد دورها المركزي في حركة التجارة التاريخية ويفتح طرقا جديدة بينها وبين الإمارات العربية المتحدة، وبناء سكك حديدية لشحن منتجاتها إلى الدول الأوروبية عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل.
 يقلل من زمن العبور بينها وبين وأوروبا بنسبة 40% مما يساعدها على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إليها، وفتح أسواق جديدة أمام منتجاتها وخدماتها الرقمية.
4) المصالح الخليجية:
 تكامل الممر مع الاستراتيجية السعودية للنقل والخدمات اللوجستية وترسيخ مكانتها كمركز لوجستي عالمي يربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويدعم رؤية البلاد 2030، التي ترى النقل والخدمات اللوجستية كمجال أساسي للتنمية المستدامة
 يساعد في تنويع الاقتصاد السعودي والإماراتي، خاصة أن لدى البلدين تطلعات للتحول لمراكز لوجستية وتجارية بين الشرق والغرب؛ لا سيما أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات هي المركز المالي للشرق الأوسط.
 لا يعد الممر من المنظور السعودي والإماراتي منافسا، أو بديلا عن مبادرة الحزام والطريق، بل مكملا لبعضهما البعض في تسهيل التدفقات العالمية لرؤوس الأموال والبيانات والسلع بما في ذلك الطاقة.
 يمكن السعودية والإمارات من تعزيز التعاون الاقتصادي مع الهند والدول الأوروبية، والحفاظ على علاقات خارجية متوازنة.

ثالثا: التحديات
1) الموقف الصيني
ترى الصين أن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، أداة مهمة للولايات المتحدة حلفائها، لتنافس الجيوسياسي معها وللقضاء على جاذبيتها العالمية. وأنه إذا تم تنفيذ هذا الممر، فقد يكون له تأثير على الوضع العالمي والإقليمي، بما يزيد من احتمالات تنافسه مع مبادرة الحزام والطريق، خاصة في ظل تداخل مشاريعه مع مشاريع المبادرة الصينية في بعض المناطق ذات الصلة
كما ترى أن الخيارات الاستثمارية في البنية التحتية التي يطرحها هذا الممر أمام دول جنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، قد تؤثر على مواقف بعض الدول المشاركة بالحزام والطريق ويجعلها مترددة في التعاون مع الصين (إيطاليا نموذجا) بقدر ما يكشف النوايا لإفشال مبادرة الحزام والطريق.
2) التحديات الجيوسياسية
يمر “الممر الهندي” بمنطقة مليئة بالتناقضات العرقية والدينية المختلفة، وعدم الاستقرار السياسي، وانتشار القوى الإرهابية الإقليمية، الذي قد يحول دون التعاون بين الدول المشاركة في الممر
تتحفظ مصر أو تعترض على الممر الهندي، نظرا لأنه يمثل لها تحديا اقتصاديا واستراتيجيا، ربما كطريق بديل محتمل لقناة السويس تعارض تركيا، مشروع الممر الهندي قوية منذ طرحه؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك “ممر اقتصادي هندو أوروبي” دون مشاركتها
وتعد كل من إسرائيل والسعودية محورين رئيسيين في “الممر الهندي”، لكنهما لم يقيما بعد علاقات دبلوماسية رسمية، حتى أوقف اندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في 7 أكتوبر 2023، اندلعت عملية تطبيع العلاقات بينهما وسط تدهور العلاقات العربية الإسرائيلية
حاولت الهند، وهي تابعة للولايات المتحدة، شراء حق استخدام ميناء حيفا لضمه إلى الممر، ولكن استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يمكن أن يثير استياء دول الشرق الأوسط، وبالتالي يقوض التعاون في المشاريع بين الهند ودول الشرق الأوسط.
التزم الأردن الصمت بشأن ما إذا كان سيشارك أم لا، مما زاد من عدم اليقين في آفاق بناء الممر
التحديات الفنية
 صعوبة الربط اللوجستي بين بعض دول؛ نظرا لتقاطع المصالح والسياسات على نحو يزيد من صعوبة التوافق بينها، ويؤثر سلبا على تنفيذ الممر.
 صعوبة وتعدد العمليات ما بين التحميل والتفريغ من السفن، ثم النقل عبر السكك الحديدية، ومنها إلى السفن
 تعقيد التأمين، والربط اللوجستي عبر الحدود المختلفة على طور الممر. إضافة إلى بعض البلدان المشاركة فهي لا تمتلك بينة تحتية قوية
 اختلاف أولويات الدول المشاركة بشأن القضايا الاقتصادية والسياسية بسبب أيديولوجياتها وقيمها الفريدة
 الاختلافات الشاسعة في السياسة والأنظمة القانونية بين البلدان المشاركة، والحاجة إلى تنسيق مختلف الأنظمة القانونية والعمليات الإدارية عبر بلدان متعددة
صعوبة التمويل، خاصة أن تنفيذ مشاريع البنية التحتية تحتاج لاستمارات هائلة، وعدم قدرة الولايات المتحدة على التمويل، في ظل ارتفاع ديون الحكومة الفيدرالية، الذي تجاوز اعتبارا من أكتوبر 2023، تجاوز حجم للولايات المتحدة 33 تريليون دولار، وتزايد إنفاقها المالي على الأزمة الأوكرانية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني
 ونظرا لعوامل متعددة مثل الحالة الجيوسياسية المعقدة والمتقلبة، وأعمال التنسيق المعقدة في العديد من البلدان، وصعوبة جمع الأموال لبناء المشاريع، والاحتمالات غير المؤكدة للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين في تخطيط وتنفيذ “الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا”.
 قد يؤدي إلى تفاقم المنافسة في سوق البنية التحتية العالمية، المنافسة الجيوستراتيجية

تجنب الوقوع في منافسة عمياء مع الدول الغربية في مناطق نفوذها التقليدية
من المحتمل أن تعطي الصين الأولوية لتعميق التعاون مع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق لتحقيق التنمية المشتركة في مجال العلوم والتكنولوجيا، وإنشاء السلاسل الصناعية لبناء نظام صناعي وسلسلة توريد سليم.
تعميق علاقات التعاون بين جميع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق، والحفاظ على تماسكها، من خلال تكامل آليات التعاون الثنائية أو الإقليمية، وتحسين البنية المؤسسية، ودمج القواعد المحلية والدولية، وتوطين القواعد الدولية وتدويل القواعد المحلية، وإرساء قواعد للحزام والطريق تتسق مع نظام الحوكمة العالمي.
فخ الديون
التحسين المستمر للقوة الإبداعية. من ناحية أخرى، منذ اليوم الذي تم اقتراحه، تم تصوير “الممر الهندي” على نطاق واسع من قبل المسؤولين الغربيين أو وسائل الإعلام على أنه “معلم” و “طريق توابل حديث”، وهو تحد مباشر واستبدال مبادرة “الحزام والطريق” ب “”. ومن المتوقع أنه بمجرد تنفيذ “الممر الهندي”، ستطلق الدول الغربية خطابا دوليا أكثر شراسة لتعاون الصين عالي الجودة في “الحزام والطريق”. وفي ضوء ذلك، فإن التعزيز الشامل للنفوذ الدولي لمبادرة الحزام والطريق وجاذبيتها وتشكيلها هو المعنى الصحيح لاستجابة الصين الفعالة لاحتواء وقمع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، وتعزيز البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق في مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة.